فلسطين أون لاين

تقرير زراعة اللافندر في قرية صيدا.. حلٌ ناجح ومربح للسيدات الفلسطينيات

...
زراعة اللافندر في قرية صيدا
طولكرم-غزة/ مريم الشوبكي:

تخرج روضة الأشقر من بيتها قاصدة مزرعة اللافندر أو ما يعرف بالخُزامى، التي تمتد على أراضي قرية صيدا إلى الشمال الشرقي من مدينة طولكرم، لتعشيب النبات وريه، لتتناسى وجع ابنيها الشهيدين، وأبنائها الأسرى الثلاثة.

الرحلة الأسبوعية لتفقد المزرعة، تعدها الأشقر فرصة للتفريغ النفسي، ومجالًا للفضفضة عن قلوب السيدات المنهكة بهموم الحياة، إذ يساندن بعضهن نفسيًا ويُزحنَ الهموم عن قلوبهن، ليعدن إلى بيوتهن خفيفات الروح والنفس.

في العام الماضي دشنت الأشقر مزرعة اللافندر الذي يُزرع لأول مرة في الضفة الغربية-بحسب قولها- إذ اشترت جمعية صيدا التعاونية دونمين من أراضي القرية، وبدأت عضوات الجمعية من المزارعات بالمشاركة في زراعته، بهدف تحقيق ربح مادي.

ظروف صعبة

وتوضح أن الجمعية تضم 36 سيدة يقمن بزراعة الأعشاب كالميرمية، والزعتر، وإكليل الجبل، وينتجن العسل من مناحل تشرف عليها بعضهن.

وتبين الأشقر لـ"فلسطين"، مع بداية عام 2022 استصلحت سيدات الجمعية الأرض وزرعنها باللافندر بطريقة عضوية في ديسمبر وقطفن الأزهار مع نهاية مايو هذا العام، مشيرة إلى أنهن خضعن لدورات تدريبية وورشة عمل لتعلم كيفية زراعة اللافندر.

وتلفت إلى أن الجمعية كان لها تجربة سابقة قبل ثلاث سنوات حين زُرعت 50 شتلة فقط من اللافندر في قرية دير الغصون، "وهذا النجاح كان سببًا في توسعة المشروع بعد إيجاد تاجر تعهد بشراء أزهار اللافندر التي تُنتج من أجل استخلاص زيتها العطري".

وتذكر الأشقر أن معظم سيدات قرية صيدا يعملن في الزراعة البعلية للأعشاب واللوزيات، وكل واحدة منهن لديها حديقة منزلية.

وتشير إلى أن عددًا من السيدات العاملات في المشروع يتطلعن إلى الحصول على ربح مادي، لتحسين أوضاعهن الاقتصادية بعد استشهاد أزواجهن، أو يعانين ظروفًا اجتماعية، ومادية صعبة.

وترى مؤسسة صيدا التعاونية في الجمعية بيتها الثاني الذي تجتمع فيه مع نساء القرية، وتقضي أوقاتًا ممتعة ومفيدة برفقتهن.

وتقول: "استشهد ابني الأول في العام 2003، والثاني في العام 2005، ومررت بظروف نفسية صعبة للغاية، وقررت اعتزال الناس بسبب حزني الشديد على فقدهما، كما مرت عليّ نحو 12 سنة أجلس في البيت لوحدي بسبب وجود أبنائي الثلاثة في سجون الاحتلال".

وتتابع الأشقر: "يعود الفضل لسيدات الجمعية بإخراجي من الحالة النفسية السيئة، وآلام الفقد، وعودتي للحياة من جديد، فلم يتركنني للحظة، حتى حينما قررت ترك الجمعية رفضن، وبقين بجواري طوال تلك المدة حتى استطعت تناسي أحزاني".

سهل ومربح

أما المزارعة حلمية (60 عامًا) فتشجعت على الخوض في مشروع اللافندر لتجربتها الإيجابية السابقة في زراعته، إذ وجدت أنه مناسب لبنيتها كسيدة "فلا يحتاج العناية به لوقت وجهد، وكذلك القطاف".

وتضيف حلمية لـ"فلسطين": "كل أسبوع تذهب مجموعة من النسوة لا يتعدى عددهن الخمسة، يقمن بتفقده الأزهار وتعشيب الأرض من الأعشاب الضارة، وتفقد خراطيم المياه".

وتتابع: "اللافندر نبات لا يحتاج إلى كثير من العناية أو رش بالمبيدات الحشرية كالزعتر مثلًا الذي يحتاج إلى متابعة دقيقة ورش دائم بالمبيدات الحشرية يوميًا، فالعناية به تكون بشكل دوري أسبوعي، وزراعته تحقق عائد مادي مرضي للسيدات".

وعن الوقت المناسب لقطف اللافندر، تبين أنه يُقطف بعد ساعات العصر حتى حلول المساء، حتى لا يكون نديًا وطريًا بسبب تسرب ندى الصباح إلى الأزهار إذا قطفت في ساعات الصباح الأولى.

وتشير حلمية إلى أن اللافندر عشبة حساسة تحتاج إلى عناية بعد قطفها باستخدام المنجل، إذ يحفظ في ثلاجات كبيرة إذا لم يقم التاجر بنقله مباشرة من المزرعة في اليوم ذاته.

وتختم حلمية حديثها برسالة لكل سيدة: "دعي الكسل جانبًا، وانزعي الغطاء عنك، ونظمي وقتك، وابحثي عن مشروع تحقيقين به ذاتك".