فلسطين أون لاين

جمال براهمة واحد من 30 طالبًا يعتقلهم الاحتلال على عتبة الحلم

...
جمال براهمة
أريحا/ غزة – فاطمة الزهراء العويني:

لم يكن يوم بدء امتحانات الثانوية العامة في فلسطين يومًا عاديًّا بالنسبة لـ "فتون براهمة"، يحرم ابنها البكر جمال من تقديم الامتحانات أسوة بأقرانه، بعد أن غيّبته سجون الاحتلال الإسرائيلي قسريًّا ويهمل طبيًّا.

لم تتوقع أم جمال براهمة في أسوأ كوابيسها أنْ يتحطم حلم ابنها بإنهاء الدراسة الثانوية، والسفر إلى تركيا لدراسة التمريض على صخرة استهداف الاحتلال له دون ذنبٍ اقترفه، وإيداعه في زنازينه رهن الاعتقال الإداري مدة ستة أشهر.

بدأت الحكاية عندما أصيب جمال برصاص قوات الاحتلال في أثناء اقتحامها لمدينة أريحا في ديسمبر/ كانون الأول من العام الفائت في قدمه، ظلّ يتنقل بين المستشفيات في المدينة؛ طلباً للعلاج، لكن ذلك لم يثنِه عن مواصلة دراسته في الثانوية العامة– الفرع الأدبي لتحقيق حلمه الأكبر، إذ أنهى الفصل الأول بتفوق، وحاز على المرتبة الثالثة على صفه.

تقول والدته ودموعها تسابق كلامها: "كان يقول لي بدي أريحك يما وتقعدي بالدار وأنا أصرف عليكِ".

ولكن فجأة ودون سابق إنذار، وفي أثناء خروج جمال من مدرسته بعد تقدمه للاختبار التجريبي لمادة الرياضيات، حاصرته قوة إسرائيلية خاصة، واعتقلته في 28 أبريل/ نيسان الماضي، وغابت أخباره عن أسرته ليوم كامل، إلى أن اتصل بهم ليخبرهم بأنه معتقل في معسكر "عوفر" الإسرائيلي.

تقول براهمة: "أخبرني بأنهم أحاطوه في أثناء خروجه من المدرسة ورشوا على وجهه مادة يجهلها أدخلته في حالة سبات إلى أن استفاق وهو في عوفر، كان وقع الصدمة علينا كبيرًا فهذه أول مرة يتعرض بها أحدٌ من أسرتنا للاعتقال".

ملف سري

وتضيف: "فما بالك بأن يكون المعتقل ابني البكر الذي أنتظر بفارغ الصبر أنْ ينهي الثانوية العامة، وأحضِّر أجواء المنزل لمساندته نفسيًّا في تحقيق حلمه، لكن الاحتلال قتل الحلم في مهده، واعتقله وهو مصاب".

وما زاد ألم براهمة أن الاحتلال أودع ابنها قيد الاعتقال الإداري، ما يعني أن مدة اعتقاله قد تكون بلا سقف محدد، إذ قد تطول وتؤجل حلمه شهوراً وربما سنوات، "يعتقلونه وفق ملف سري ويرفضون الإفصاح عن التهم الموجهة له، بل ويحرموننا من زيارته حيث لم يسمحوا لنا برؤيته منذ اعتقاله رغم أننا تقدمنا للحصول على تصاريح".

ولا يقف الأمر عند هذا الحد بالنسبة لـ "براهمة"، فمكالمة من جمال يوم الأحد الماضي زادت من "نار قلبها"، إذ أخبرها بأنه يشعر بألم شديد في قدمه المصابة بسبب شظايا الرصاص في قدمه، وأنه سيخضع لعملية جراحية في عيادة سجن الرملة.

وتمضي بالقول: "منذ تلك المكالمة لا أنام الليل، فقد كان جمال قلقاً، وطلب منا الدعاء له، وأن نطلب من كل مَنْ يعرفه أن يدعُوا له، أخشى على حياته في ظل ما أسمعه عن الإهمال الطبي الممارس بحق الأسرى في سجون الاحتلال، خاصة أن التواصل بيننا منعدم منذ تلك اللحظة، فلا نعلم إذا ما قد أجروا له العملية أم لا".

وتشير إلى أن "جمال" أخبرها بأنه يعاني حساسية شديدة في أنفه بسبب الأجواء غير الصحية في الزنزانة، "يرهقني التفكير في الحال الذي قد يكون عليه جمال حاليًّا، تقدمنا بطلب لإدارة السجون للسماح له بالتقدم لامتحانات الثانوية العامة لكنهم رفضوه، أحزنني الرفض لكن قلقي على صحته يتعبني أكثر".

وتلفت إلى أن الأسرة كلها تشعر بالضغط النفسي الكبير منذ اعتقال "جمال" فشقيقه الأصغر اسحق (15 عاماً) بدأ تأثره باعتقال شقيقه يظهر من خلال تصرفاته وانفعالاته، إذ يقضي معظم أوقاته شارد الذهن.

أما شقيقته الصغرى حنين فلم تستطع استيعاب عدم مشاركة "جمال" لها حفل تخرجها من الروضة، وعدم تقديمه الورود والبلالين لها، "نحاول أنْ نهون عليها الأمر، ونخبرها بأنه سيأتي قريباً ليشاركها فرحتها، لكن الغصة بالقلب من عدم معرفتنا لمصيره تشوش حياتنا".

ويشار إلى أن إبراهيم واحد من 30 طالبًا يغيبهم الاحتلال في سجونه، ويحرمهم من التقدم لامتحانات الثانوية العامة التي انطلقت صباح أمس بمشاركة (87 817) طالبًا.