مع تزايد الأحاديث الإسرائيلية والأمريكية عن تعثر مسار التطبيع مع السعودية، فإن الأوساط السياسية والدبلوماسية ما فتئت تبحث تأثير هذا المسار المحتمل على التوترات الجارية في الشرق الأوسط، وإمكانية إنجازه، أو بقائه متأرجحًا بين الرياض و(تل أبيب).
الإسرائيليون من جهتهم يعتقدون أن إقامة التطبيع مع السعودية أمر ممكن، لاعتبارات كثيرة تخصها هي أكثر من الاحتلال، رغم ظهورها متمنّعة في هذه المرحلة، مع أن هناك أشياء تحدث في مستوى ثنائي، دون خروجها بالضرورة إلى العلن، ولكن في حال أجريت المحادثات بشكل صحيح بينهما، وبضمانات من الولايات المتحدة، خاصة مع تصريحات معينة تتعلق بمستقبل حل القضية الفلسطينية، فربما يشكل ذلك قفزة في إنجاز مسار التطبيع المأمول إسرائيليًّا.
الغريب أن الاحتلال، وعبر جوقة منظّريه وكتّابه يعتقد أنه أمام حقبة جديدة ممن أسماهم "القادة الشجعان"، ويمكن معهم خلق شيء أكبر وأكثر أهمية معهم من القادة السابقين.
في الوقت ذاته، ترى أوساط إسرائيلية أن التطبيع مع السعودية مهم، لكنهم لن ينتظرونه حتى إشعار آخر، بزعم أنه لا ينبغي إهمال دول أخرى، خاصة التي يوجد معها احتمال للتطبيع، حتى قبل المملكة، وسط آمال بإضافة المزيد من الدول المطبّعة في الأشهر المقبلة.
مع العلم أن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة حول التطبيع المأمول مع السعودية تتزامن مع جهود دبلوماسية قد يبذلها البيت الأبيض في الأشهر المقبلة في محاولة لإحداث انفراج بين الرياض و(تل أبيب)، وتتركز الجهود في محاولة لتحقيق توقيع اتفاق تطبيع بحلول نهاية العام الجاري، قبل أن تبدأ الحملة الانتخابية لرئاسة الولايات المتحدة، وتسيطر بالكامل على أجندة الرئيس جو بايدن.
يتوقف الإسرائيليون عند حزمة المساعدات التي تطلبها السعودية من الأمريكيين، لكنها لا تحظى بشعبية بين الكثيرين في الحزب الديمقراطي، بل وقد تكلّف بايدن ثمناً سياسيًّا، رغم لقاءات مستشار الأمن القومي جيك سوليفان مع ولي العهد محمد بن سلمان في جدة، ومناقشتهما لموضوع التطبيع، ووصول كبير مستشاري الرئيس بريت ماكغورك وعاموس هوشستين إلى (تل أبيب)، وأبلغا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بنتيجة محادثاتهما في الرياض.
الأمريكان من جهتهم أكدوا لمضيفيهم السعوديين أن الولايات المتحدة تعتقد أن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق بين الرياض و(تل أبيب) بحلول نهاية العام، لأنهم يسعون إلى تحقيق صفقة شاملة واحدة تشمل التطبيع، وفي الآن نفسه الحصول على تنازلات أمريكية للسعودية، مثل تشديد التعاون الأمني.
رغم التفاؤل الذي تبثه واشنطن و(تل أبيب) بشأن قرب التطبيع مع الرياض، فمن الصعب رؤية انفراج في القناة السعودية في أي وقت قريب، على الأقل وفق القراءة الإسرائيلية التي تتهم المملكة بهذا التباطؤ، رغم استمرار التصريحات المتفائلة من الاحتلال حول احتمالات جيدة لتوطيد العلاقات معها.