فلسطين أون لاين

تقرير ضربة جريئة تدفع بسحر الحصري إلى موسوعة الخطاطين الفلسطينيين

...
سحر الحصري
غزة/ هدى الدلو:

ببوصة امسكتها بغرض التجربة، اكتشفت سِحر الخط العربي لتسجل نفسها كأول خطاطة على مستوى قطاع غزة تتقن الخطوط العربية الأربعة (الرقعة – والنسخ – والديواني – والكوفي)، وتدخل ضمن موسوعة الخطاطين الفلسطينيين.

في عمر السادسة والعشرين وقفت سحر الحصري على موهبتها يوم كانت في زيارة لكبار الخطاطين، وهو أحد أصدقاء والدها محمد الميقاتي، الذي لفت نظره خطها على كراستها الخاصة، ووجد في منحنيات كتابتها موهبة قابلة للتطوير.

احتضن الخطاط الميقاتي موهبتها، وتمكنت خلال عام تعلم كتابة الخط العربي على أصول وقواعد سليمة باستخدام البوص والحبر، "كنت لأول مرة أتعرف على هذه الأداة الخاصة التي تستخدم في الكتابة".

وتضيف: "هذا الاكتشاف المفاجئ جعلني بحالة شغف لاكتشاف موهبتي أكثر، فتدربت بشكل متواصل مدة عام على القواعد السليمة للكتابة، بدأت بخط الرقعة وتعلمت طريقة كتابة الحروف بهذا النوع من الخط، وبعدما اتقنته شرعت في كتابة كلمات كاملة، وبعد ستة أشهر تعلمت الخط الديواني، حتى جاءت جائحة كورونا وما فرضته من إغلاق".

استثمرت سحر تلك الفترة في التعرف وتعلم خطوط جديدة، واقتحمت عالم الخط الكوفي بنوعيه الفاطمي والمربع، معتمدة على التعلم الذاتي عبر مشاهدة المقاطع المصورة على منصة "يوتيوب" لخطاطين عرب من السعودية والعراق، لتقضي أربع ساعات يوميًّا لتعلمه بالشكل الصحيح.

وتشير إلى أنها بعدما باتت تتقن خط الرقعة والكوفي الفاطمي والمربع والخط الديواني، تتدرب حاليًّا على خط النسخ.

وتؤكد أنها لم تتوقع يومًا أن تقتحم عالم الخط العربي وتصل إلى هذه المرحلة من الإتقان، ويدرج اسمها ضمن موسوعة الخطاطين الفلسطينيين، معبرة عن فخرها بهذا اللقب، وبنفسها كونها أول خطاطة على مستوى القطاع، "وأرى ذلك نتاج جهدي وتعبي في أن يوضع اسمي في موسوعة الخطاطين الفلسطينيين كمبدعة في هذا المجال ضمن قواعد سليمة"، وفق حديثها.

وترى سحر في الخط العربي أيقونة وعلامة فارقة في الحضارة العربية الإسلامية، والتي لابد من الحفاظ عليها، "فالخط العربي موروث حضاري ثقافي يعبر عن الهوية الإسلامية، فقد كتب القرآن الكريم بالخط العربي، كما أن إتقان كتابته يعلم صاحبه الدقة وشدة الملاحظة والتنظيم والترتيب في حياته، وهناك الكثير من القيم التربوية التي تعلمتها في الخط العربي، فعلمني الصبر والتأني، وترك أثرًا إيجابيًّا على حياتي".

دعوة إلى اكتشاف المواهب

وتسعى سحر إلى تعلم كل أنواع الخط العربي لإظهار جماله وإحيائه، داعية الجهات الرسمية إلى الاهتمام بالخط على مستوى الوزارة والحكومة، "فالاهتمام ضعيف جدًا رغم وجود ثلة من الخطاطين المبدعين، فلا يوجد من يحتضنهم ويجعل لهم قيمة ومكانة مرموقة في المجتمع، فلابد من وجود معهد لاحتضانهم ولعرض إبداعاتهم ولوحاتهم".

وواجهت الحصري العديد من الصعوبات في مشوار تعلمها، والتي تتمثل في عدم توافر المواد الخام في القطاع بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي دخول بعض البضائع، كالبوص الأصلي للكتابة، والحبر العربي والورق المقهر، وفي حال توفر فهو غالي الثمن.

وتقهير الورق يعني تشذيب وتنقية الورق، وتحويله إلى ورق ناعم صالح للكتابة بعد أن كان خشناً لا يساعد الخطاط على إنجاز ما يريد من الكتابة، ويضفي جمالًا على اللوحة لمدة طويلة. 

وتستكمل سحر: "لذلك قررت استكمال مشواري في الخط العربي باستخدام مواد أخرى رغم أنها أقل جودة، كالبوص البلدي، والحبر الصيني وورق الخرومو المصقول رغم قلة جودتهم". 

وتتمنى الحصري أن يصبح للخطاطين معهد ليحتضنهم، ولتبادل الخبرات فيه، ولصقل موهبتهم بتعلم كل ما هو جديد في عالم الخط العربي، وتعرض فيه إبداعاتهم بدلًا من اللوحات التي لا تجد من يطلع عليها ولا مكان لعرضها، خاصة أن بعض اللوحات تستغرق في إنجازها مدة 30 يومًا ليتم كتابتها بشكل دقيق.

وقد شاركت في مهرجان الإبداع الشبابي الثقافي الأول لوزارة الثقافة عام 2021م بلوحات تعرض لأول مرة في غزة بالخط الكوفي الفاطمي، وبمعرض لحن الحروف عام 2020، وتطمح أن تشارك دوليًّا في مسابقات باسم وطنها.