لم يعلم الاسترالي "شون أوليفر" أن انتقاله إلى ولاية "ولونجونج" في رحلة عمل ستصل أخبارها إلى مسامع الفلسطينيين تاركة أثراً في نفوسهم لن ينسوه أبدا.
كان "أوليفر" يرتاد الشاطئ مشياً حين قررت عائلة فلسطينية مقيمة في بلاده منذ ثلاثة عشر عاماً، قضاء وقت جميل برفقة أطفالها على الرمال التي غزلت الشمس عليها بعض خيوطها.
حتى سويعات من وصولهم عائلة "حماد" إلى ساحل "ولونجونج"، بدا كل شيء هادئ حتى مع عدم توفر الأجواء المناخية للسباحة، وذلك لم يكن مهماً للأطفال الذين التزموا الشاطئ يلعبون ويمرحون قرب مياهه، قبل أن يباغتهم البحر بأمواج عاتية ابتلعت معها الأطفال إلى الداخل.
تقول العائلة لصحيفة "فلسطين" كان المشهد صادماً وللوهلة الأولى لم ندرك ما حدث، فكل شيء تم بلمح البصر وفي ثوانٍ معدودة.
وتروي "إسلام حماد" أنها عايشت وزوجها لحظات من الخوف والفزع لم تعهدها من قبل حين سحبت الأمواج بشكل مفاجئ أطفالها الأربعة "كان ردت فعل زوجي سريعة بدخوله إلى المياه دون تردد، وتمكّن من انقاذ اثنين من أطفالنا".
وتضيف، في تلك اللحظة كان الاسترالي "أوليفر" يسير إلى جانب الشاطئ، قبل أن تثير انتباهه نداءات استغاثة الطفلين يزن وأحمد من وسط الأمواج العاتية، فما كان منه إلا أن ألقى بنفسه إلى داخل المياه في خطوة "شجاعة" بادر بها بنفسه.
وتصمت "إسلام" برهة وهي لا تزال لا تصدق ما جرى "تمكن أوليفر سريعاً من الغوص بين الأمواج التي كانت على ارتفاع عال منتشلاً يزن من بين المياه، وحين عودته لإنقاذ أحمد، اختطفته المياه وسحبته لأعماقها إلى غير رجعة".
وتقول إن الكلمات لا تسعها للتعبير عن فعل المواطن الاسترالي الشجاع، الذي وهب حياته لإنقاذ طفليها.
كما لا تُخفِ "إسلام" وهي أم لست أطفال حالة الصدمة التي تعيشها وعائلتها حتى اللحظة، نتيجة "فاجعة غرق شون" التي ألّمت بهم.
وتشير إلى أنها تحاول تقديم كل معاني المواساة والعرفان لعائلة "أوليفر" على موقف ابنها البطولي الذي دفع ثمنه من حياته.
وتقول بأسف "أعلم أن كل عبارات الشكر والأسف لن تعيده إلى عائلته الصغيرة، لكن نحاول أن نشاطرهم الحزن ولا اتردد بالحديث عن ذلك هذا الموقف البطولي عبر وسائل الإعلام".
وتلفت "إسلام" إلى أن، العادات المتعارف عليها في هذا البلد، أنه بعد أسبوعين من وفاة الشخص يتم وضع إكليل من الورود في المكان الذي فقد حياته فيه، لذلك سنتوجه لمشاركة عائلة "شون" حزنها.
أما "كارلا" زوجة شون وهو أب لثلاثة أطفال، فقالت عبر وسائل الإعلام الأسترالية، إنها تعايش مشاعر مختلطة من الفخر بإنجاز زوجها والحزن على فراقه، مضيفة "أنا فخورة جدا بك، لكن فراقك سيترك الحزن في قلبي للأبد".
غزة تشاطر
وضمن فعاليات مشاطرة العائلة الاسترالية حزنها، قررت عائلة حماد في قطاع غزة، إقامة خيمة عزاء لـ"أوليفر" في ساحة الجندي المجهول وسط غزة، اليوم الأحد ، بعد موافقة الشرطة الفلسطينية على ذلك.
ويوضح عصام حماد، وهو أحد أقارب العائلة المقيمة في "ولونجونج"، في حديث لصحيفة "فلسطين"، أن الخيمة سيتخللها حفل خطابي، لإبراز الدور البطولي الذي أداه "أوليفر" وضحى بنفسه لأجل أطفال العائلة.
كما ستمنح العائلة "شون" لقبها "حماد" وتسليم ذويه درع شكر وعرفان على فعلته "الشجاعة"، وسيجري الإعلان عن مؤسسة "شون أوليفر" الخيرية لضمان مستقبل أطفاله الثلاثة.
وبيّن أن عائلته ستتوجه بطلب لبلدية غزة بإطلاق اسم "أوليفر" على إحدى شوارع القطاع، بالإضافة إلى توجيه خطاب لرئيس السلطة بمنحه وسام الشجاعة.