فلسطين أون لاين

الاحتلال يتضرّر إستراتيجيًّا من تراكم الغضب الأمريكي

يومًا بعد يوم، يزداد الضغط الأمريكي على حكومة الاحتلال، سواء بسبب الانقلاب القضائي الذي تنفذه، وجمّدته مؤقتًا، أو توتير العلاقة مع الفلسطينيين، ووصل الأمر إلى حد توبيخ الرئيس جو بايدن لنتنياهو وحكومته، بعيدًا عن المفردات الدبلوماسية المتعارف عليها، حتى وصل الأمر لعدم تنفيذ تهديده بإقالة وزير حربه يوآف غالانت الذي يرتبط بعلاقات وثيقة مع نظرائه الأمريكيين في البنتاغون، ومع مرور الوقت باتت تتبخّر أوصاف نتنياهو لبايدن بأنه أحد أعظم أصدقاء دولة الاحتلال. 

اللافت أن نتنياهو وأركان حكومته قلّلوا من شأن التحذيرات المباشرة التي سمعوها من سيد البيت الأبيض وكبار مساعديه، بل إن ردود الفعل الاستفزازية للوزراء وأعضاء الكنيست أدت لتفاقم الأزمة مع واشنطن، مما نجم عنه ضرر استراتيجي قد يكون من الصعب جدًا إصلاحه، لأن العديد من الردود اتسمت بالوقاحة وعدم المسؤولية، واتهام بايدن بالاعتماد على الأخبار الكاذبة، وفي عمومها تتجاهل اعتماد الاحتلال شبه الكامل على الولايات المتحدة.

لعل ما أقلق الأمريكيين أكثر من أي شيء آخر من حكومة اليمين الفاشي في تل أبيب عدة قضايا أساسية، أولاها الانقلاب القانوني، وما صاحبه من احتجاجات جماهيرية ضده، وثانيها التوتير المتصاعد في العلاقة مع الفلسطينيين، وثالثها الإقالة المتسرعة لـ"غالانت"، ولعل رابعها الهواجس السائدة في البيت الأبيض عن مدى سيطرة نتنياهو على وزرائه، رغم مزاعمه لهم بأنه من يقود العجلة.

مع العلم أن السفير الأمريكي في تل أبيب توم نايدس لم يتردد في الإعلان أنه طلب من نتنياهو بـ"الدعس على الفرامل"، وهنا يظهر السؤال الأمريكي الجديد القديم عن أي نتنياهو يمكن الوثوق به. 

اقرأ أيضاً: نجل "نتنياهو" يتهم الخارجية الأمريكية بالسعي لإطاحة والده

في الوقت ذاته، فطالما كان البناء المكثف في المستوطنات قضية حساسة في العلاقات بين الجانبين، فواشنطن تدعم حل الدولتين، وتعتقد أن توسيع الاستيطان سيقضي على هذا الحل، فيما أعلنت حكومة نتنياهو عن تبييض تسع بؤر استيطانية غير قانونية، وبناء آلاف الشقق. 

في المقابل، وتحسّبًا لاندلاع أجواء من التوتر في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فقد بادرت إدارة بايدن لعقد قمتين أمنيتين في العقبة وشرم بمشاركة ممثلين عن أطراف إقليمية، وقبل أن يجف حبر البيان الختامي للقمتين، صدّق الكنيست على إلغاء قانون فك الارتباط، والعودة للمستوطنات المخلاة في 2005 شمال الضفة الغربية، الأمر الذي استدعى على غير العادة دعوة سفير الاحتلال بواشنطن مايك هرتسوغ، لمحادثة توبيخ.

جاءت إقالة غالانت المتسرعة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، لأنه مثّل للأميركيين الجانب الأكثر اعتدالًا والواقعي في حكومة نتنياهو، خاصة وأن نظيره الجنرال لويد أوستن، يتحدث معه بنفس اللغة العسكرية والأمنية، وهما يعرفان جيدًا العواقب السلبية للانقلاب القانوني على إحداث التصدّع في الجيش الإسرائيلي، وقرأوا خريطة التهديدات التي يتعرض لها الاحتلال.