فلسطين أون لاين

​هل يفتح اعتراف يعلون باباً لمحاكمة قتلة عائلة دوابشة؟

...
بيروت / غزة - نبيل سنونو

بعد أكثر من عام على استقالته، أقر وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي السابق موشيه يعلون، بأن أيدي الإسرائيليين ملطخة بدم عائلة دوابشة التي قتلت حرقا على يد مستوطنين في بلدة دوما بالقرب من نابلس في 31 يوليو 2015.

وكان يعلون خلال توليه منصب وزير جيش الاحتلال، قال إن "التحقيقات التي نفذها الجيش في أعقاب إحراق عائلة الدوابشة، خلصـت إلى التعرف على قتلة العائلة، لكننا لا نستطيع محاكمتهم".

وقررت محكمة الاحتلال المركزية في مدينة اللد في مايو 2016، إطلاق سراح قائد تنظيم "تمرد وجماعة شبيبة التلال" الاستيطانية الإرهابية مئير إتينغر من الاعتقال الإداري.

ويقول الخبير في القانون الدولي، د.حسن جوني، إنه من الناحية السياسية والقانونية "لسنا بحاجة إلى اعتراف من يعلون أو غير يعلون"، مفسرا: "القضية محددة ومعروفة".

لكنه في الوقت نفسه يؤكد لصحيفة "فلسطين"، أن هذا الاعتراف "من الناحية القانونية مهم جدًا، للملاحقة القضائية والقانونية أمام القضاء الدولي وحتى القضاء الداخلي. هذا الاعتراف هو دليل حسي موجود كوثيقة مهمة جدا للمحامين لكي يتم تقديمها للقضاء المختص".

ويتابع: "هذه وثيقة ضرورية جدا لها أهمية سياسية بأن الرأي العام أصبح يعرف تماما" تفاصيل هذه الجريمة، مشددا على ضرورة استثمار تصريح يعلون "سياسيا أكثر منه قانونيا".

ويشير جوني، إلى أن المحكمة الجنائية الدولية "ليست صالحة" لإحالة قضية جريمة عائلة دوابشة إليها، معللا ذلك بأن الجريمة حصلت قبل انضمام السلطة الفلسطينية إلى هذه المحكمة، فيما نظام المحكمة يشير إلى أنها لا تنظر إلى القضايا بأثر رجعي، ويتطلب تفعيل عضوية الدولة المنضمة إليها 60 يوما من تاريخ الانضمام.

ويوضح أن الجنائية الدولية تكاملية، بمعنى أنها تكمل القضاء الوطني، وسلطات الاحتلال هي أكثر من يعقد محاكمات داخلية ولكنها "صورية وليست جدية ولا صحيحة".

ويردف: "نفترض أن جريمة حصلت اليوم، المحكمة الجنائية الدولية سترد علينا بأن هناك مسارا قضائيا داخليا (في دولة الاحتلال) يأخذ مجراه، وأن على الهيئة التنفيذية في المحكمة الجنائية أن تدرس ما إذا كانت المحاكمة صورية أم لا".

"الصلاحية العالمية"

لكن جوني ينوه إلى أن المحاكم التي يؤسسها مجلس الأمن لا تقوم على المفهوم التكاملي، بينها وبين القضاء الوطني في الدول، مستبعدا في الوقت نفسه أن يشكل مجلس الأمن محكمة لدولة الاحتلال بسبب "الفيتو" الأمريكي.

وبهذا الحال، يبقى الخيار الأخير الذي يمكن اتباعه هو البحث عن الدول التي تعترف بالصلاحية القضائية العالمية، وهناك دول كثيرة في العالم فيها محاكم تعنى بالانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف، ويمكن محاكمة مجرمي الحرب في هذه الدول، بحسب جوني.

وينبه إلى أن "هذه القضية معقدة جدا"، مردفا: "نحن أمام جريمة حرب، يمكن متابعتها في إطار الصلاحية العالمية".

ويشدد على أن جريمة إحراق عائلة دوابشة، لا تسقط بالتقادم، منوها إلى أهمية التوجه لهيئات حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

من جهته، يوضح الخبير في القانون الدولي د. حنا عيسى أن جريمة إحراق عائلة دوابشة هي ضمن الجرائم التي يرتكبها جنود الاحتلال والمستوطنون بحق الشعب الفلسطيني.

ويبين لصحيفة "فلسطين" أنه يمكن لعائلة دوابشة الذهاب لمحكمة الجنايات الدولية لتقديم شكوى في إطار البينات المثبتة بارتكاب مثل هذه الجريمة بحق العائلة وتقديم كل من يصرح أو يشارك أو يمول هذه الجريمة.

ويصف جريمة حرق عائلة دوابشة، بأنها "جريمة حرب وضد الإنسانية".

وكان مستوطنون أحرقوا منزل عائلة سعد دوابشة، وراح ضحية لذلك الأب سعد (32 عاما) والأم ريهام (27 عاما)، والطفل الرضيع علي (18 شهرا)، وأصيب شقيقه أحمد "الناجي الوحيد من بين افراد العائلة" بجروح وحروق بالغة.

ويقول عيسى إن تصريح يعلون "يبقى بينة مساعدة إذا كانت على لسانه بالتسجيل والصورة أما إذا كانت فقط بالكتابة كخبر فهو ممكن أن ينفي ويقول إنه لم يصرح".

وعما إذا كانت سلطات الاحتلال تستخدم مزاعمها بأنها حاكمت المستوطنين مرتكبي الجريمة داخليا، لحمايتهم من المحاكمات الدولية، يجيب: "نعم، لأن القضاء الدولي تكميلي، وإذا ثبت أن القضاء الإسرائيلي قام بواجباته استنادا لمبدأ نظام روما وما ورد به من مواد قانونية تستطيع النائبة العامة أن تقول تمت المحاكمة".

لكنه يؤكد أن الحق الفلسطيني "لا يسقط"، مضيفا: "يجب أن نجمع هذه الأدلة ونثبتها في ملفات ثابتة ودامغة (...) الجرائم لا تسقط مع مرور الزمن"، متمما بأن هذا يؤكده نص المادة 29 من نظام روما لسنة 1998.