فلسطين أون لاين

​"استقيموا ولن تُحصوا" (9)

...
إعداد / هديل عطا الله

هي كلماتٌ لا بد وأن يعقلها القلب؛ كلماتٌ تنتشلنا من عالم الزيف الذي نعيشه؛ يكفينا أن نكون صادقين مع الله ومن ثم مع أنفسنا حتى ندرك حقائق الحياة.. وحقيقة من نكون:

مما جمعناه للشيخ محمد راتب النابلسي من موسوعته الشهيرة

كُلَّ شيءٍ وقع له حِكمة.. فِكْرة مُريحة جداً وبسيطة وهي أنَّكَ لن تُعاني أزْمة نفْسِيَّة ولن تُعاني حِقْداً ولا ضيقاً ولا كراهِيَةً ولا ندَماً، لا تقول: لو أنَّني فعَلْتُ كذا وكذا؛ فهذه الفِكرة البسيطة وهي كُلُّ شيءٍ وقع أراده الله لأنه لا يليق بالله أنْ يقع شيءٌ لا يُريدُه؛ وكُلُّ ما أرادَهُ الله وقَع وأَفْعال الله مُتَعَلِّقَةٌ بِالحِكْمة المُطلقة؛ والحِكمة المُطلقة مُتَعَلِّقةٌ بِالخير المُطْلق وبذا انتهى النَّدَم والحِقد وانتهت كلِمة ليْتَ.

***

البيان يطْرد الشيطان.. وأنا أعرِف أُناساً كثيرين تجد أحدهم أكثر مُشكلَتِهِ في صمْتِهِ يسْكت ولا يُوَضِّح؛ قد يكون بريئاً وطاهِراً وسليم الصدر حسَنَ النِيَّة لكنّ صمْتَهُ الدائم هو الذي يُثير حوْله الشبهات.

***

الإنسان ممكن بذكائه أن يقنع الناس أنه صاحب دِين، وهو ليس كذلك؛ معك كيلو معدن، بذكاء بارع أقنعت الناس أنه ذهب فصدقوك؛ لكنك الخاسر الأول، لو كان معك كيلو ذهب حقيقة، وظن الناس أنه معدن خسيس؛ أنت الرابح الأول.

***

الإنْسان كلَّما ارْتقى يخافُ بِعَقْلِهِ وكلَّما هبط مُسْتواهُ يَخافُ بِعَيْنِهِ؛ الحيوان يخافُ بِعَيْنِهِ والإنسان الذي أنْكر إنْسانِيَتَهُ وعطّل عقله، لا يخافُ إلا بِعَيْنِهِ.. والكافر متى يَفْزع ؟ حينما يأتيه ملك الملك ومتى يخاف؟ حينما يقرب أجلُهُ ومتى يضْطرب ؟ حينما تأْتيه المُصيبة أما وهو في البَحْبوحَة والرخاء لا يُبالي إطْلاقاً بهذا الحق ؛ لذلك الذي يخاف بِعَيْنِه أقلّ مرْتَبَةً من الإنسان الذي يخاف بعقله أما الذي يخاف بِعَقْلِهِ فهو الإنسان العاقِل.

***

إنسان له زوجة لا تنجب، فتمنت عليه أن يأخذها إلى الحج، يقول هذا الإنسان لصديقه: أنا لست مؤمناً بالدين أصلاً، أرى الدين أفيون الشعوب، قال له: ما صليت ركعتين في كل الحج، هو ذهب من أجل زوجته، لما وصل إلى قبر النبي عليه الصلاة والسلام لفتَ نظره بكاء الناس أمام هذا القبر، متى عاش ؟ قبل ألف و أربعمئة عام، ماذا أعطى هؤلاء ؟.. انعقدت توبة الرجل أمام قبر النبي عليه الصلاة والسلام، شيء مذهل.

***

ألم تسْمعوا بِدُعاء رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: " اللهم اجْعل تدْميرهم في تدْبيرهم "، بعض الناس يُفَكِّر ويُفَكِّر ويُفَكِّر ويحْسب ويجْمع ويطْرح ويقْسم ثمّ يرْتَكِب حماقَةً تُدَمِّرُهُ باختياره لأنه ركن إلى ذاته واطمأن إليها.

***

ما من دُعاءٍ أرجو أن تدْعوا به جميعاً أحب إلي من هذا الدعاء: اللهم ألهمنا الصواب ؛ قد يقِف الإنسانُ أياماً مواقِفَ نبِيلَة سليمة ويتكَلَّم الكلِمة الصحيحة؛ ويتَحَرَّك الحركة المُناسِبَة ويغْضب في مَوْطن الغَضَب؛ ويحلُم في موْطِن الحِلْم؛ ويُعْطي في مَوْطن العَطاء؛ ويُمْسِك عنْدما ينْبغي أنْ يُمْسِك فهذه المواقِف المُتَنَوِّعَة إذا كانت مُتناسِبَةً مع عِلَلِها وأسْبابِها يشْعر بِراحة ؛ فماذا يُقابِل الحِكمة ؟ الحُمق! فالحِكمة يتْبَعُها راحة أما الحُمْق يتْبَعُهُ ندَم.

***

إذا أراد الله إنفاذ أمر أخذَ من كُلِّ ذي لُبٍّ لُبَّهُ.

***

حينما تتوهم أن جهةً غير الله ترفعك أو تخفضك، تعطيك أو تمنعك، تعزك أو تذلك، فهذا شركٌ خطيرٌ جداً، الشرك الخفي خطير.

***

﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً) رَبُّنا يقول: "خيراً كثيراً "، الخير الكثير لا بِحَجْمِ رصيدِك فيه من المصارِف؛ ولا بِبَيْتٍ فَخْم ولا بِزَوْجَةٍ رائِعة ولا بِدَخْلٍ كبير ولا بِصِحَّةٍ جيدة.. إنما الخير الكثير أنْ تُؤْتى الحِكْمة لأنّك بِالحِكمة تسْعد وبِالحِكمة تُصْلِحُ الزوجة السيِّئة وبِالحُمْق تُفْسِد الصالِح؛ وبالحكمة تَجْلِب المال وبِالحُمْق تُبَدِّد المال؛ وبالحِكْمة تكْسِب الأصْدِقاء؛ وبِالحُمْق تُفَرِّقُهم.

اللهم أنزِل على قبور المسلمين الضياء والنور والفُسحة والسرور