فلسطين أون لاين

معدلات الملوحة والنيترات المرتفعة تفوق التوصيات الدولية

تقرير "الضخ الجائر" ومصائد الاحتلال المائية يستنزفان الخزان الجوفي في غزة

...
"الضخ الجائر" ومصائد الاحتلال المائية يستنزفان الخزان الجوفي في غزة
غزة/ رامي رمانة:

تشكِّل المياه الجوفية المصدر الرئيس الذي يعتمد عليه المواطنون بقطاع غزة في تلبية احتياجاتهم المائية للأغراض المختلفة سواء كانت الآدمية أو الزراعية أو الصناعية.

إلا أن الخزان الجوفي يعاني ارتفاعًا في الملوحة بسبب "الضخ الجائر"، وزيادة معدل النيترات الناجم عن ولوج مياه الصرف ومتبقيات المبيدات الزراعية إلى أعماق الخزان.

ومما يعمق الأزمة المائية حرمان الاحتلال الإسرائيلي أهالي قطاع غزة من حقهم في المياه، وإقامة مصائد مائية بالقرب من المناطق المحاذية للسياج الفاصل.

يُعرّف الخزان الجوفي بأنه عبارة عن كتلة من الصخور ذات المسامية العالية أو كتلة من الرواسب المُشبعة بالماء، إذ يصل الماء إلى هذه الطبقات عن طريق التربة التي تعلوه، وقد يخرج هذا الماء إلى السطح على شكل ينابيع وآبار.

"تهديد للحياة"

ويؤكد نائب رئيس سلطة المياه م. مازن البنا، أن معدل ملوحة مياه الآبار ارتفع إلى مستويات تتجاوز المعايير الدولية الخاصة بمياه الشرب ارتفاعًا مضاعفًا، الأمر الذي بات يشكّل "تهديدًا على حياة السكان".

ويوضح البنا لصحيفة "فلسطين"، أن الضخ الجائر لمياه الخزان الجوفي، تسبب بتداخل مياه البحر على طول الشريط الساحلي مع مياه الآبار، ومن ثَم ارتفاع ملوحة الآبار حتى باتت (98%) من مياه الآبار غير صالحة للشرب، بسبب انخفاض جودة المياه فيها.

وينبه إلى أن منظمة الصحة العالمية، تُوصي بأن يكون عنصر الكلورايد حده الأقصى (250) ميليجرامًا في لتر الماء، على حين أن نسبة تركيزه في لتر المياه المستخرجة من الخزان الجوفي عالية جدًّا تتراوح بين (1000-3000) ميليجرام.

تلوث المياه

ويضيف البنا أن تسرُّب مياه الصرف الصحي في مناطق متعددة من القطاع إلى الخزان الجوفي، من جراء نقص البنى التحتية، أدى إلى تلوث مياه الشرب بالنيترات، مبينًا أن منظمة الصحة العالمية حددت ألا تتجاوز النيترات في اللتر معدل (50) ميليجرامًا، لكن في المياه الجوفية في قطاع غزة الأرقام تصل إلى (100-600) ميليجرامًا وعلى وجه الخصوص في جنوب قطاع غزة إذ تعتمد على الحفر الامتصاصية.

ويفيد البنا بأن معدل استهلاك قطاع غزة للمياه (220) مليون متر مكعب سنويًّا، يُحصل على ذلك من الخزان الجوفي بنحو (194) مليون متر مكعب بنسبة (90%)، ومحطات التحلية ومياه مشتراة من الطرف الإسرائيلي (26) مليون متر مكعب، بنسبة (10%).

ويلفت النظر إلى أن "الخزان الجوفي يتغذى سنويًّا على ما معدله (100) مليون متر مكعب من مياه الأمطار بمعدل (50-60) مليون متر مكعب سنويًّا التي تنساب طبيعيًّا من الشرق إلى الغرب عبر الحدود الشرقية لقطاع غزة من مياه الأمطار، إلى جانب مياه الصرف الصحي التي تتم معالجتها وإعادة حقنها في الخزان، غير أن الاستخراج السنوي (200) مليون متر مكعب، ما يسبب عجزًا في المياه".

ويوضح أن قطاع غزة يستفيد (20%) فقط من مياه الأمطار المتساقطة عليه سنويًّا بسبب عدم توفر مشاريع بنية تحتية للاستفادة من مياه الأمطار، إذ إن جلها يختلط بمياه الصرف الصحي، مبينًا أن الاحتلال ببناء جداره العنصري على طول الحدود يمنع تدفق الأمطار تجاه قطاع غزة، كما أن إقامته السدود على الأودية المتجهة لغزة تسببت في قلة المياه الواصلة إلى القطاع المحاصر، مثل أودية غزة والسلقا وبيت حانون.

ويقول البنا: إن الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة لأكثر من 15 عامًا، تسبب بمنع إدخال المواد اللازمة لتنفيذ مشاريع المياه والصرف الصحي أو مستلزمات تشغيل مرافق تحلية مياه الشرب ومرافق معالجة المياه العادمة.

ويطالب المجتمع الدولي بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع الحصار عن غزة، وانتزاع الحقوق الفلسطينية في مصادر المياه الجوفية والسطحية وعدم مصادرتها.

كما يناشد البنا المجتمع الدولي توفير التمويل اللازم لتنفيذ مشروع إنشاء محطة تحلية مياه البحر المركزية ومستلزماتها، لتحسين خدمات مياه الشرب وخفض الاعتماد على الخزان الجوفي.

معوقات ومشكلات

من جهتها، تؤكد منسقة الإعلام والمناصرة في الإغاثة الزراعية، نهى الشريف، أن قضية المياه تعد مكونًا أساسيًّا من مكونات النسيج الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الفلسطيني، وأنه لا بد من تكاتف الجهود كافة لتمكين الفلسطينيين من الحصول على مياههم.

وتقول الشريف لصحيفة "فلسطين"، إن المياه هي عصب الحياة وشريانها، وأي نقص لهذا العنصر يؤدي إلى كارثة حقيقية، بل في بعض الأحيان تصبح وفرة المياه أو انقطاعها مسألة حياة أو موت.

وتفترض أن "تتدخل منظمات حقوق الإنسان لحصول الفلسطينيين على حقهم في المياه، في الوقت الذي يعانيه الفلسطينيون في كمية ونوعية المياه".