"عدنا لنقاوم وندافع عن شعبنا وحقوقنا ولم نأت لنساوم"، كانت تلك أبرز كلمات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "أبو علي مصطفى" قبل أن يغادر الوطن شهيداً بعد عامين من عودته إليه نهاية أيلول/ سبتمبر 1999.
كانت تلك الكلمات التي أطلقها "أبو علي"، بمثابة الدافع الذي لجأت إليه قوات الاحتلال الإسرائيلية لاغتياله، ففي 27 شهر آب/ أغسطس 2001، قصفت طائرات الاحتلال مكتبه في رام الله، ما أدى لاستشهاده ليكون أول قيادي يتم اغتياله بصواريخ الاحتلال إبان انتفاضة الأقصى التي اندلعت شرارتها في 28 أيلول/ سبتمبر 2000.
وكرس "مصطفى علي العلي الزبري"، الملقب بـ"أبو علي مصطفى" جل حياته في النضال لأجل الوطن والقضية، ولإحقاق الحق والعدالة والكرامة، وكان يردد دائمًا أن الوسيلة الوحيدة لتحرير كامل التراب الوطني الفلسطيني هي المقاومة بجميع أشكالها.
ولد الأمين العام للجبهة الشعبية، في بلدة عرابة، قضاء محافظة جنين عام 1938، كان والده مزارعًا في البلدة منذ عام 1948، بعد أن عمل في سكة حديد حيفا، ودرس الشهيد المرحلة الأولى في بلدته، ثم انتقل عام 1950 مع بعض أفراد أسرته إلى عمان، وبدأ حياته العملية وأكمل دراسته فيها.
كان "أبو علي" على قناعة تامة خلال مسيرته النضالية بأن الصراع مع الاحتلال صراع مصيري لا يمكن إزالته إلا إذا امتلك الشعب الفلسطيني قوة وطاقة الفعل الوطني على مختلف الأصعدة والمرتكزات وانطلاقا من كونه صاحب الحق "ومن خلال القدرة على استقراء الاحتلال بموضوعية وتوجيه النقد للذات والمساءلة".
انتسب في سن السابعة عشرة إلى حركة القوميين العرب التي أسسها جورج حبش الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وذلك في عام 1955، واعتقل بعد عامين وحوكم أمام محكمة عسكرية وقضى في سجن "الجفر" الصحراوي بالأردن خمس سنوات، ولدى خروجه من المعتقل تسلم قيادة منطقة الشمال في الضفة الغربية وشارك في تأسيس "الوحدة الفدائية الأولى" التي كانت معنية بالعمل داخل فلسطين المحتلة، كما خضع لدورة عسكرية لتخريج الضباط الفدائيين في مدرسة "أنشاص" المصرية.
في أعقاب حرب حزيران عام 1967 قام وعددا من رفاقه في الحركة بالاتصال مع الدكتور جورج حبش لاستعادة العمل والبدء بالتأسيس لمرحلة الكفاح المسلح، وكان هو أحد المؤسسين لهذه المرحلة.
ومنذ انطلاق الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، قاد الدوريات الأولى نحو التحرير عبر نهر الأردن، لإعادة بناء التنظيم ونشر الخلايا العسكرية، وتنسيق النشاطات ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، طورد خلالها من قبل قوات الاحتلال، واختفى لعدة شهور في الضفة في بدايات التأسيس.
وتولى "أبو علي" مسؤولية الداخل في قيادة الجبهة الشعبية، ثم المسؤول العسكري لقوات الجبهة في الأردن إلى عام 1971، وكان قائدها أثناء معارك المقاومة في سنواتها الأولى ضد الاحتلال، كما شارك في أحداث معركة الكرامة 1970 وحرب جرش-عجلون في عام 1971 .
وغادر الأردن سرًا إلى لبنان في أعقاب حرب تموز 1971، وفي المؤتمر الوطني الثالث عام 1972 انتخب نائباً للأمين العام.
عاد "أبو علي" للوطن بعد غياب استمر 32 عامًا في أعقاب اتفاق بينه وبين رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات في أغسطس/ آب 1999 في القاهرة، وقد سمحت سلطات الاحتلال بعودته إلى بلدته في جنين بعد رفض استمر ثلاث سنوات.
وتولى الرجل مسؤولياته كاملة كنائب للأمين العام حتى عام 2000، وانتخب في المؤتمر الوطني السادس أمينا عاما للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وظل يشغل هذا المنصب حتى استشهاده، في أغسطس/ آب 2001 بصاروخين أطلقتهما سلطات الاحتلال على مكتبه برام الله بالضفة الغربية.
وأدى "أبو علي مصطفى" دورا مهمًا خلال انتفاضة الأقصى وعرف بمواقفه الوطنية، وقد جمعته مع الفصائل والقوى الوطنية علاقات طيبة.

