بشكل مفاجئ وبعد مرور ثلاثة أعوام على فقدان جنود الاحتلال بغزة خلال معركة "العصف المأكول" التي حدثت في صيف 2014م، قدم منسق الاحتلال الخاص بشؤون الأسرى والمفقودين الإسرائيليين ""ليؤور لوتان" استقالته من منصبه أول أمس، ليكون التساؤل هنا، حول أسباب الاستقالة وتداعياتها في تحريك هذا الملف؟
وثمة أربعة أسباب، وراء استقالة لوتان وفق مختصين تحدثا لصحيفة "فلسطين"، أولها العقبات التي تضعها حكومة بنيامين نتنياهو أمامه في ملف الجنود المفقودين بغزة وعدم جديتها، والسبب الثاني أن الرجل قد تكون لديه معطيات مهمة حول "حياة" الجنود ويريد تقديمها لعائلات الجنود لذلك استقال هربا من الحرج خشية أن يتسبب له التحفظ على المعلومات بعد إتمام الصفقة بمساءلة مستقبلية لقيامه بإخفاء معلومات عن عائلات الجنود.
أما السبب الثالث، حسب ذات المختصين، أن الاستقالة جاءت نتيجة عدم تقدم المفاوضات بين حماس والاحتلال من خلال الوسيطين الدوليين وهما ألمانيا ومصر، في ظل تمسك حماس بشروطها وهي الإفراج عن أسرى الصفقة السابقة، وتعنت الاحتلال، والسبب الرابع أن تكون الاستقالة للضغط على الأطراف الدولية الوسيطة كي تضغط بدورها على حماس، أو أن يقوم الاحتلال بوضع شخص أكثر تطرفا بالمواقف في هذا الملف.
وذكرت القناة العبرية العاشرة أن استقالة المنسق الخاص لشؤون الأسرى والمفقودين بديوان نتنياهو، جاءت بشكل مفاجئ حيث طلب من نتنياهو إنهاء مهام منصبه، في حين قالت مصادر إسرائيلية مطلعة إن خلفيات القرار مردها إلى خيبة الأمل التي يشعر بها "لوتان" في ظل رفض المستوى السياسي لمبادراته المختلفة للسير قدماً في استعادة الأسرى.
وعقبت عائلة الضابط المفقود بغزة "هدار غولدين" على القرار قائلة إنها تشعر بالتخلي عن ابنها المفقود بغزة وإن استقالته بمثابة لائحة اتهام تمثل إهمال الحكومة لقضية الجنود المفقودين، بينما أشارت العائلة إلى أن استقالة "لوتان" لم تكن مفاجئة على ضوء موقف المستوى السياسي مؤخراً.
ارتدادات سلبية
من جانبه، قال المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد: "حكومة الاحتلال غير جادة خلال هذه المرحلة للبدء بمفاوضات من أجل استعادة جنودها، إذ إن "لوتان" يخالف حكومته في هذا التوجه لذلك استقال".
ولا يستطيع رئيس ملف الجنود المفقودين، كما تابع المختص لصحيفة "فلسطين"، نشر أي معلومة دون إذن من المجلس الوزاري المصغر "الكابينت"، لأن لذلك ارتدادات داخلية سلبية، خاصة في حال أعلن عن أن الجنود أحياء، مما يولد ضغطا شعبيا على حكومة الاحتلال، خاصة أن الجنود أسروا خلال حرب وليس خلال تواجدهم بمواقعهم العسكرية، فمن واجب حكومة الاحتلال إعادتهم، في ظل مخاوفها من وجود أحياء بين المفقودين.
لذلك تحاول حكومة نتنياهو، والكلام لأبو عواد، تأجيل الملف، إذ إن نتنياهو لا يشعر بوجود ضغط كبير من قبل المجتمع الإسرائيلي وعائلات الجنود لتحريك الملف، موضحا أن لدى قادة الاحتلال قناعة مشتركة وهي استمرار المفاوضات لفترة أطول، لتوجيه رسالة للمقاومة أن اعتقال الجنود مسألة ليست مريحة لأنها تستغرق سنوات من أجل إتمامها.
ويعتقد أبو عواد أن الاستقالة ستؤثر إيجابا على ملف الجنود المفقودين، لأن حكومة الاحتلال ستكون أمام معضلة إيضاح التفاصيل للجمهور وأهالي الجنود، كما أن من سيتسلم الملف من جديد يجب أن يبادر بعمل حقيقي لتحريك ملف الجنود المفقودين.
ضغط معارض
والسيناريو المتوقع في مستقبل هذا الملف من وجهة نظر أبو عواد، أن الصفقة ستحدث وستكون مشابهة لصفقة الجندي جلعاد شاليط، إذ تمتد لفترة خمس سنوات حتى تنضج، وتحاول خلالها حكومة الاحتلال فرض شروط قاسية على الأسرى الذين سيخرجون بالصفقة، في ظل وجود وساطة دولية تعمل سرا من أجل عقد صفقة تبادل.
فيما رأى المختص في الشأن الإسرائيلي صالح لطفي أن تطرف حكومة الاحتلال اليمينية والتي قد ترغب بعنادها باستعادة جنودها من خلال حرب على غرار ما حدث أثناء أسر جلعاد شاليط عام 2006، دفعت بطلب الاستقالة.
وربط بين الاستقالة ومماطلة حكومة الاحتلال في ملف الجنود المفقودين، مشيرا إلى مضي ثلاثة أعوام على فقدان جنود الاحتلال بغزة، فيما يحاول نتنياهو بين الفينة والأخرى التنفيس عن الضغط الممارس عليه من قبل عائلات الجنود بالتلميح بوجود مفاوضات، إذ يبدو أن العائلات فقدت الثقة المطلقة بنتنياهو.
وقال لطفي لصحيفة "فلسطين": "إن جمهور الاحتلال غير راضٍ عن استقالة "لوتان"، ويعد أنها جاءت نتيجة ضغوطات داخل المؤسسة الإسرائيلية، والوصول لباب مسدود من طرف الاحتلال وحماس، إذ ينظر الشارع الإسرائيلي بقلق تجاه مصير هؤلاء الجنود".