لطالما كفلت القوانين الفلسطينية حقوق الأسرى المالية ورواتبهم، لكن ثمة ممارسات من قبل السلطة الفلسطينية تؤكد وجود تلاعب حقيقي برواتب الأسرى وحقوقهم من جهة، فيما يتخللها تفرقة وتمييز بين الأسرى من أبناء بعض التنظيمات من جهة أخرى.
تحت قاعدة "من ليس معي لا يستحق الراتب"، تكشف صحيفة "فلسطين" في تقريرها، أساليب تلاعب السلطة بنسب الرواتب حسب الانتماء التنظيمي، وحرمان بعض الأسرى من الراتب المزدوج، ومن منح التعليم، والوظائف الحكومية.
أساليب تلاعب
مصدر مطلع بملف الأسرى رفض الإفصاح عن اسمه، أفاد بأن التعديل على رواتب الأسرى بدأ بعد عام 2010 بعد حدوث زيادة على الرواتب بحسب الفترة التي أمضاها كل أسير في سجون الاحتلال، لافتا إلى أنه في السابق كان متوسط راتب الأسير يبلغ 2500 شيكل شهريا.
وكشف المصدر لصحيفة "فلسطين" أن هناك أسرى أمضوا ثمانية شهور فقط في سجون الاحتلال، ولكن لأنهم منتمون لحركة فتح تصرف لهم السلطة رواتب دائمة، رغم أنه يجب أن يمضي الأسير عامين أو أكثر في السجن حتى يحصل على الراتب الدائم.
وأفاد المصدر أن هناك عائلات شهداء وأسرى تحصل فقط على 700 – 1000 شيكل شهريا، وأن هناك بعض الأسرى ممن أمضوا أكثر من 13 عاما يحصلون على رواتب 1300 شيكل من هيئة الأسرى والمحررين، مشيراً كذلك إلى أن معظم المنح الدراسية للدراسات الجامعية المخصصة لأبناء الأسرى، تذهب لأبناء السلطة وحركة فتح.
ولفت إلى أنه في الفترة الأخيرة حرمت مجموعة من الأسيرات من الحصول على منح دراسية، بذريعة أن هناك منعاً أمنياً من قبل "وقائي رام الله".
وتتجلى كذلك التفرقة بين أبناء الفصائل، كما تابع المصدر، إذ إن الأسير الذي أمضى 20 عاماً في سجون الاحتلال من أبناء حركة فتح، يحصل على ضعف ما يحصل عليه أبناء حماس الذين أمضوا نفس الأعوام، موضحا أن الأسير الذي أمضى عشر سنوات يحصل على راتب 5 آلاف شيكل، والذي أمضى أكثر من 15 عاما يحصل على 7 آلاف شيكل، إلا أن هذا المبلغ يتم تقليصه إلى النصف تقريبا بعد الإفراج عنه خاصة لأسرى الفصائل الأخرى دون أسرى فتح.
كما كشف المصدر أن السلطة جلبت دعما لإحياء يوم الأسير الفلسطيني في 17 من إبريل/ نيسان الماضي بقيمة 4 ملايين شيكل، مبينا أنه لم يكن هناك أي مظاهر إحياء ليوم الأسير سوى وقفة أقيمت على دوار الساعة بمدينة رام الله لا تتجاوز تكلفتها الإجمالية عن خمسة آلاف شيكل.
تمييز وتفرقة
المتحدث باسم الأسرى المقطوعة رواتبهم منصور شماسنة يوضح من ناحيته أن هناك تمييزا كبيرا تمارسه السلطة بين الأسرى، بعد أن قطعت رواتب 300 أسير قبل نحو ثلاثة أشهر، مشيرا إلى أنها قطعت رواتب عشرات الأسرى قبل 11-13 عاما.
وقال شماسنة لصحيفة "فلسطين": حينما أفرج عن أسرى صفقة وفاء الأحرار عام 2011 لم تصرف السلطة رواتب لهم بل قامت بصرف سلف مالية بمبلغ 1300- 1700 شيكل، مشيرا إلى أنه بعد عدة أشهر من الانتظار حصلوا على مرسوم من رئيس السلطة بأنه لا مانع من مساواة أسرى حماس بباقي أسرى صفقة وفاء الأحرار.
وبيّن أن منحة "الحياة الكريمة" هي كذلك دليل على قيام السلطة بالتلاعب بالحقوق المالية للأسرى، موضحاً أن هذه المنحة شملت شراء شقة سكنية لأسرى صفقة وفاء الأحرار من حركة فتح فقط الذين أمضوا 20 عاما فما فوق، وحرم أسرى باقي الفصائل وأبرزهم أسرى حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية من هذه المنحة.
وأكد أن السلطة لم تقبل حتى صرف تلك المنحة لأي أسير أمضى 19 عاماً ونصف داخل سجون الاحتلال، مشيراً إلى أن الكثير من أبناء فصائل منظمة التحرير حصلوا على وظائف ورواتب مزدوجة إلا أسرى حماس، بمعنى أن أبناء حركة فتح توظفوا في وزارات السلطة المختلفة وبنفس الوقت حصلوا على رواتب من هيئة الأسرى والمحررين بالإضافة لرواتب من وزاراتهم.
مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي علاء الريماوي يؤكد أن القانون يكفل الحق العام للأسرى الفلسطينيين، ووضع أسسا لكل من أمضى بالمعتقل من خمسة أعوام فما فوق، ويستحق له راتب بحسب سلم وجدول الاستحقاق الذي يوضح حجم تلك الراتب، وبناء على ذلك أنشئت وزارة الأسرى بعد نضال عميق من الأسرى لإيجاد حاضنة لهم، وترعى شؤونهم.
وأشار الريماوي لصحيفة "فلسطين" إلى أن السلطة قطعت قبل نحو 13 عاما، وبعد أحداث الانقسام الفلسطيني رواتب 170 أسيرا فلسطينيا، مستدركا: "لكن دائرة الاستهداف اليوم توسعت وطالت أكثر من 600 أسير فلسطيني بالضفة الغربية وقطاع غزة، وأصبح هناك مجزرة تطال رواتب الأسرى". مرجحا بأن ميزانية الأسرى الشهرية تبلغ 30 مليون شيكل.
وحذر من توسع دائرة الاستهداف لتطال كل ملف الأسرى الفلسطينيين، وتحويل هيئة الأسرى والمحررين التي كانت سابقًا وزارة أسرى، لجمعية خيرية تمهيدا للتخلي عن ملف الأسرى رويدا رويدا.