فلسطين أون لاين

​هل يكون المجلس الوطني "الملعب" المقبل لإجراءات عباس؟

...
بيروت / غزة - نبيل سنونو

يبدو أن نتائج اجتماع اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني التي انعقدت في العاصمة اللبنانية بداية العام الجاري، لن تجد لها أثرا على أرض الواقع، مع توجه رئيس السلطة محمود عباس لعقد المجلس دون توافق وطني، في خطوة تطرح تساؤلات عن أهداف الرجل الثمانيني، لا سيما مع اتخاذه إجراءات وصفها بأنها "غير مسبوقة" تجاه قطاع غزة.

وكانت اللجنة التحضيرية، شددت في 11 يناير/كانون الثاني الماضي، على ضرورة عقد المجلس "بحيث يضم كافة الفصائل الفلسطينية"، وفقًا لإعلان القاهرة (2005) واتفاق المصالحة (4 أيار/ مايو 2011)، من خلال الانتخاب أو التوافق؛ لكن عباس قال في حوار مع صحيفة "القدس العربي" في أبريل/نيسان الماضي، إن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير سائرة "في عقد المجلس الوطني وفق تركيبته القديمة".

وأكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير واصل أبو يوسف، أمس، أن "تنفيذية المنظمة" ستعقد اجتماعا السبت القادم، لبحث ملفات عدة من بينها انعقاد المجلس الوطني.

ويسود اعتقاد على نطاق واسع بأن عباس سيتخذ من اجتماع قريب للمجلس الوطني "ملعبا" لتمرير إجراءاته وسياساته.

ويعتقد المحلل السياسي مصطفى الصواف، أن عباس ماض في سعيه إلى عقد المجلس الوطني بعيدا عن كل التوافقات الوطنية، وكل ما صدر سواء عن اجتماعات اللجنة التحضيرية أو في الاتفاقات المختلفة، "لأن رئيس السلطة يعتقد أنه صاحب الولاية والأمر في عقد هذا المجلس أينما كان".

ويوضح الصواف لصحيفة "فلسطين"، أن عباس يريد أن "يستمد شرعيته من خلال عقد هذا المجلس، رغم أنه لن يكون ذا قيمة فلسطينية"، مشيرا إلى أن رئيس السلطة "يحاول إقناع نفسه بأنه صاحب شرعية ويحاول إقناع بعض الأطراف التي هي في قرارة نفسها تؤكد أن الاجتماع باطل ولا يمكن أن يمنح شرعية لأحد".

ويؤكد النظام الأساسي لمنظمة التحرير، أن المجلس الوطني هو السلطة العليا لها وهو الذي يضع سياسة المنظمة وبرامجها. وعمليا لم ينعقد المجلس بشكل كامل منذ أبريل/نيسان 1996م.

ويشير الصواف، إلى أن عباس يعتبر السلطة جزءا من منظمة التحرير، ويريد أن يؤكد أنه رئيس المنظمة من خلال عقد المجلس الوطني، وفي نفس الوقت يريد أن يؤكد للشعب الفلسطيني ولو شكليا أنه وحده من يملك القرار في فلسطين.

وعما إذا كان عباس قد يلجأ لاتخاذ قرار في المجلس الوطني "بحل المجلس التشريعي"، يجيب الصواف: "نعم، أعتقد أن حل المجلس التشريعي خطوة قادمة بعد انعقاد المجلس الوطني"، مضيفا: "ربما خلال جلسة انعقاد المجلس الوطني يتم حل المجلس التشريعي وهذه خطوة سيقدم عليها عباس لأنه يعتبر المجلس التشريعي عائقا أمام تحقيق ما يسعى إليه في موضوع السلطة على الشعب الفلسطيني".

وينوه إلى أن حماس اكتسحت نتائج الانتخابات التشريعية عام 2006م، ولذلك عباس يريد أن يتخلص من المجلس التشريعي. لكن حتى لو اتخذ عباس قرارا "بحل المجلس التشريعي"، فإن هذا القرار من الناحية القانونية والدستورية هو غير شرعي، بحسب الصواف.

ويلفت إلى أن "كل القانونيين سواء في فلسطين أو المراقبين للوضع الفلسطيني يؤكدون أن كل إجراءات عباس باطلة حتى قانون التقاعد الذي أقره أيضًا غير قانوني وكل قرارات عباس غير قانونية ولم تُعرض على المجلس التشريعي".

ويعتقد المحلل السياسي أن "عباس ماض في فصل غزة عن بقية الوطن الفلسطيني"، مبينا أن رئيس السلطة يسعى إلى رفع يده بالكامل عن قطاع غزة وفي نفس الوقت يريد أن يقوم بـ"سرقة الأموال" من الضرائب المجباة من القطاع لصالح خزينة رام الله.

وينوه الصواف إلى أن موقف معظم الفصائل الفلسطينية هو أن أي قرارات تصدر عن المجلس الوطني الذي سيعقده عباس دون توافق وطني، هي غير ملزمة للشعب الفلسطيني، وعقد الاجتماع هو غير قانوني، وأن ما يصدر عن الباطل فهو باطل.

وعما إذا كان عباس يخطط للبقاء في سدة رئاسة السلطة مدى الحياة، دون إجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، يقول الصواف: "كل ما يقوم به عباس يدل على ذلك". ويعتقد الصواف أن عباس "يستقوي بالاحتلال الصهيوني".

من جهة ثانية، يقول المحلل السياسي بشأن موقف القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان، "الخصم اللدود" لعباس، واللجنة الرباعية العربية من مساعي رئيس السلطة، إن دحلان وهذه اللجنة "هم جميعا ضد عباس".

ويشير إلى الخلافات التي نشبت بين اللجنة الرباعية العربية، وعباس بشأن إعادة دحلان إلى حركة فتح.

ويرى الصواف أن اللجنة الرباعية العربية لن تقف فحسب في وجه قرارات عباس، بل ستعمل على إزاحته عن سدة الحكم ولو في اليوم الأخير من حياته، ثم الدفع بمن تراه مناسبا لتنفيذ سياساتها في فلسطين، "وأعتقد أن الذي يدفعون به الآن هو دحلان".

وعما إذا كانت مساعي اللجنة الرباعية العربية ستنجح في وجه عباس، يجيب: "الصراع سيبقى قائما وفي النهاية الذي سينجح هو الشعب الفلسطيني الذي سيحدد من يقوده في المستقبل".

المشروع الوطني

من جهته، يقول المحلل الباحث في الشؤون الفلسطينية نافذ أبو حسنة، إنه "أصبح من الصعب" توقع الإجراءات التي يمكن أن يقدم عليها رئيس السلطة، مضيفا أن "كل الإجراءات التي جرى اتخاذها في الفترة الأخيرة لا تدل على إمكانية الخروج من المأزق في المشروع الوطني الفلسطيني".

ويضيف أبو حسنة لصحيفة "فلسطين"، أن لجوء عباس لعقد المجلس الوطني "ممكن ولكن له أثر في تعميق الانقسام القائم في الساحة الفلسطينية".

ويشير إلى أنه بعد اجتماع اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني في بيروت كانت النية تتجه نحو تشكيل مجلس وطني بالانتخاب حيث أمكن والتوافق حيث لا يمكن إجراء الانتخابات، من أجل الشروع في إعادة بناء منظمة التحرير وإصلاحها ووضعها في الموقع الذي يجب أن تكون فيه.

ويرى أن عقد المجلس الوطني بعيدا عن نتائج اجتماع اللجنة التحضيرية، "خطوة غير مفيدة؛ إذا كانت هناك أي نية للتوجه نحو إصلاح الوضع الفلسطيني وأي نية نحو إعادة بناء وحدة وطنية فلسطينية وإنهاء الانقسام".

يشار إلى أن السلطة في رام الله خصمت من رواتب موظفيها في قطاع غزة دون الضفة الغربية، ما يتراوح بين 30 -70% بدءا من شهر مارس/آذار الماضي، كما طالت إجراءاتها تجاه قطاع غزة قطاعات الصحة، والكهرباء التي طلبت السلطة من الاحتلال تقليصها، وغيرها من القطاعات الحيوية.

وينص "إعلان الشاطئ" الذي وقعته حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ووفد منظمة التحرير، في غزة في 23 أبريل/ نيسان 2014، على "الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه في اتفاق القاهرة والتفاهمات الملحقة وإعلان الدوحة واعتبارها المرجعية عند التنفيذ"، كما تضمن بنودًا تتعلق بعقد لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير في غضون خمسة أسابيع من توقيع الإعلان، لكن عباس لم يدع إلى اجتماع هذه اللجنة، حتى اللحظة.