لا بد أنها آلام نفسية شديدة تلك التي تنتاب الأنثى عندما ينمو لها ذقن أو شارب، فماذا يختبئ وراء هذه الظاهرة المرضية من خلل عضوي؛ وهل من سبيل إلى الشفاء منها؟
دخلت العيادة وهي مهمومة إلى متى سيظل حالي على ذلك؛ وهل أنا طبيعية مثل كل السيدات أم أن هناك شيء غير طبيعي بي؟
كلما أزلته ازداد أكثر فأكثر وانتشر في جميع أجزاء جسمي فماذا أفعل؟
يا سيدتي من الحالات الشائعة التي نصادفها في حياتنا اليومية وممارساتنا المهنية هي حالات الشعرانية ويقصد بها ظهور الشعر لدى المرأة في مناطق غير اعتيادية؛ فإذا كان من المعتاد والطبيعي وجود أشعار ناعمة وبرية في الساعدين أو الساقين فإن زيادة كثافتها في تلك المناطق أو ظهور الشعر في مناطق أخرى مثل الوجه والذقن والصدر والبطن والظهر يعد حالة غير اعتيادية عند المرأة وهذا ما يسمى بالشعرانية؛ فإذا كانت سابقا قد اعتبرت وكأنها مصير حتمي على المرأة أن تجد الوسيلة للتعايش معه؛ فإن الطب الحديث قد سمح لنا بالتعرف على الأسباب الحقيقية للشعرانية وتحديد أماكن الخلل الهرموني التي يسببها وبالتالي الوصول إلى علاجات متطورة كثيرا مما يساعد على الحد من الشعرانية إن لم يؤدّ إلى تراجعها؛ وهذه الآفاق العلمية الحديثة تعطي ذرة أمل لدى مئات الفتيات والنساء اللاتي يعشن المشكلة وكأنها نقص في أجسادهن وطعنة في أنوثتهن.
ويجب بداية أن نميز بين التشعر الفسيولوجي الطفيف وهي كما قلنا ظهور أشعار قليلة ناعمة بالذراعين والساقين؛ وهذا لا يعد مرضا بل مجرد فوارق طبيعية بين شخص وآخر ولا يستدعي عادة تدخل الطبيب.
وحين يكون لدى هذه الفتاة الشكوى يكون دور الطبيب الشرح والإيضاح بأن ذلك ليس بالشيء المرضي؛ وأن على الفتاة تجاوزه دون أي انعكاسات نفسية.
أما المشكلة الحقيقية فتكمن عند الفتاة التي ظهر لديها شعر في منطقة مثل فوق الفم أو الذقن أو الصدر أو البطن؛ كما اشتدت كثافة الشعر ومال لونه نحو السواد وزادت سرعة نموه وقد يتطور الأمر بهن حتى يشبهن الرجال في بعض الحالات، فهناك أدنى درجات مختلفة الشعرانية من البسيطة إلى الشديدة والمرحلة الخطيرة من المرض هي الاسترجال لكنها حالات نادرة.
أسباب الشعرانية:
الاعتماد على قصة المريضة وسوابقها المرضية؛ والاستفادة من التقنيات والفحوصات المخبرية والشعاعية المتطورة وهي خطوة أساسية مثل الانطلاق نحو معالجتها ويمكن حصر الأسباب فيما يلي:
1- الأسباب الوراثية والعرقية: ثبت أن النساء في بعض العائلات؛ أكثر عرضة لنمو الشعر في أجسامهن من عائلات أخرى وقد ترث البنت عن أمها هذه الصفة؛ وذلك أن هؤلاء النسوة يولدن ولديهن اضطراب في بعض الخمائر المسؤولة في استقلاب الهرمونات الذكرية بالبصيلة الشعرية؛ وقد لوحظ أيضا أن هناك طابعا عرقيا أي أكثر شيوعا في بعض الشعوب على سبيل المثال في البلدات الواقعة على حوض البحر المتوسط وأقل مصادفة في الدول الاسكندنافية.
2- الأسباب الدوائية: إن شيوع استعمال العقاقير الصينية دون أي حسبان لها تأثيرات جانبية مثل المعالجات الهرمونية التي تعد سلاحًا ذا حدين وقد يطغى الحد السلبي على الإيجابي لاستعمالها مثل استخدام الكورتيزون أو مانعات الحمل الفموية.
3- الأسباب الكظرية: الغدة الكظرية هي غدة صغيرة الحجم على قمة كل من الكليتين؛ ولها دور فسيولوجي أساسي حيث تفرز العديد من الهرمونات المهمة وقد يحدث اضطراب فيها يؤدي إلى ارتفاع نسبة الهرمونات الذكرية التي تفرزها أو أن يتكون ورم فيها وهو نادر الحدوث.
4- الأسباب المبيضية: المبيضان الموجودان أسفل البطن يقومان بتركيب الهرمونات الأنثوية وتوجد فيها البويضات وهي الغدد الجنسية للمرأة ونشاط المبيض الطبيعي يتم نتيجة توازن دوري ودقيق يؤدي إلى تحريض عملية الإباضة وقد يتعرض المبيضان لبعض الاضطرابات التي ينجم عنها نمو الشعر؛ وأهم هذه الأسباب وأكثرها شيوعاً هو متلازمة المبيض متعدد الكيسات ويظهر فيه إضافة إلى المشعرانية اضطراب الطمث وزيادة الوزن.
وله طابع عائلي وبدايته في سن البلوغ وأحداث العقم بعد الزواج إضافة إلى احتمال حدوث إصابات أخرى بالمبيض مثل الأورام.
5- أسباب غدية أخرى: وهي عدة اضطرابات غدية تظهر فيها الشعرانية جزءًا من مجموعة الأعراض؛ وليست العرض الوحيد مثل حالة فرط إفراز الغدة النخامية للهرمون المدر للحليب.
6- الحالات المجهولة السبب: وهناك نسبة لا بأس بها من الحالات التي لا تستطيع فيها إيجاد سبب واضح أو خلل ظاهر بالتحاليل المخبرية والصور الشعاعية والواقع أنها حالات يوجد فيها خلل هرموني أو خمائر ويمكن كشفها ببعض الفحوص.
كيف يمكن علاج الحالة:
1- الوسائل التجميلية.
2- المعالجة الدوائية.
3-المعالجة الجراحية.
نصائح للشعرانية:
1- أن تميز من التشعير البسيط والشعرانية الحقيقية.
2- الانتباه والحذر عند استعمال الأدوية الهرمونية وبخاصة الكورتيزون ومانعات الحمل الهرمونية.
3- الابتعاد عن المعالجات التجارية والعشوائية التي تروجها بعض الإعلانات.
4- في حالة تطور حديث للشعرانية لدى فتاة ما يستحسن عرضها على طبيب مختص.
5- المراقبة والمتابعة الجدية لأي معالجة قد يصفها الطبيب.