رأى المحلّل العسكري، آفي أشكنازي أن المستوى السياسي في "إسرائيل" لا يعتقد وصوله إلى الحسم العسكري ضدّ حركة حماس، على الرغم من مرور 448 يومًا من الحرب على قطاع غزة.
وقال آشكنازي، في حديثه لـصحيفة "معاريف": "بالأمس، كان علينا دفع الثمن الأغلى الذي يمكننا دفعه: ثلاثة مقاتلين من لواء كفير قُتلوا نتيجة تفجير عبوة ناسفة".
وأضاف: "رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يصرّ، في مفاوضات إطلاق سراح الأسرى، على عقد صفقة على مراحل، من دون أن تعلن "إسرائيل" عن وقف الحرب.
وتابع: "في الحقيقة؛ إنني لا أستطيع إيجاد منطق عسكري في إصرار نتنياهو. لقد حان الوقت لإجراء حوار عام حقيقي عن جدوى هذا القرار. ويجب مناقشة القضية، بشكل جاد وموضوعي، وليس التمسّك برأي مُسبق بناءً على انتماء سياسي. إذ إنّ هذه ليست قضية سياسية كلاسيكية؛ هي مسألة عسكرية بحتة، والتي- مع الأسف- ندفع ثمنها غاليًا من أرواح الجنود، وعلى ما يبدو حياة الأسرى أيضًا".
هذا؛ ووفقًا لأشكنازي، حاليًا، الوضع على الأرض هو الأكثر صعوبة بالنسبة إلى الجيش. أولًا، إنه يستخدم ثلاث فرق عسكرية على الأرض، أي الكثير من القوة البشرية والوسائل التي يحتاجها الجيش "الإسرائيلي" في ساحات أخرى من حرمون السوري في الشمال وصولًا إلى "إيلات" في الجنوب.
يختم أشكنازي: "سبق أن كنّا في فيلم جمود فكري قبل أكثر من 20 عامًا. كان هذا عندما غرق الجيش "الإسرائيلي" في المُستنقع اللبناني لمدة 18 عامًا. الآن نحن في غزة منذ 445 يومًا، وبدأنا نشعر بأننا نغرق في مستنقع غزة والجمود الفكري حيال المستقبل".
وفي الإطار، أكد رئيس وزراء الاحتلال السابق إيهود أولمرت، أن نتنياهو لا يتصرف بناءً على تحليل منطقي لمصالح "إسرائيل"، فهو لا يريد إعادة الأسرى لأن ذلك قد يؤدي إلى تفكيك الائتلاف الحكومي وقد يمنع إمكانية الاستيطان في غزة.
وأضاف أولمرت، في حديث لصحيفة "هآرتس" العبرية، أنه في يناير كان يجب علينا أن نوقف الحرب، هناك أحداث خطيرة في غزة واستمرار الحرب يعززها.
وفي وقت سابق، جدّد اللواء احتياط في جيش الاحتلال والمفوض السابق لشكاوى جنود العدو يتسحاق بريك انتقاده اللاذع لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لعدم اتخاذه قرارًا حتى الآن بوقف الحرب على غزة.
وقال بريك، في حديث لصحيفة "معاريف" العبرية، "بينما يعلن بنيامين نتنياهو تصميمه على القضاء على "حماس"، تؤكد المعطيات الميدانية أن الجيش الإسرائيلي يزداد ضعفًا".
وذكر بريك في مقاله، أن نتنياهو قال في مقابلة نُشرت في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية إنه لن يوافق على وقف الحرب "قبل إزالة حماس، ولن نتركهم في السلطة في غزة، على بعد 50 كم من "تل أبيب"، ولكن هذا لن يحدث".
تعليقًا على هذا التصريح، رأى بريك أنه: "لا توجد أكذوبة أو شعارات أكبر من تصريحات رئيس الحكومة، ومع مرور الوقت تبتعد "إسرائيل" عن قدرتها على إزالة حماس. اليوم، حماس تسيطر على قطاع غزة بقبضة حديدية، والآلاف من مُقاتليها مُتحصنون في الأنفاق تحت الأرض التي يبلغ طولها مئات الكيلومترات. وفي الآونة الأخيرة، تلقّت تعزيزات من 3000 مقاتل شاب تتراوح أعمارهم بين 18 و 20 عامًا".
ويتابع: "كل التصريحات من المستويين السياسي والعسكري بأننا نسيطر على محوري "فيلادلفيا" و"نيتساريم" هي أوهام. صحيح أننا موجودون في الأعلى، لكن كل شيء ما زال يُدار في الأسفل في الأنفاق، من دون أي سيطرة من الجيش "الإسرائيلي". حماس ما تزال تُدير قطاع غزة، وعُدنا للمرة الخامسة إلى مخيم جباليا وعدة مناطق أخرى مشابهة. نحن نفقد العديد من الجنود، وهناك جرحى إصابتهم بالغة، حيث فقط في المرة الخامسة لدخول مخيم جباليا فقدنا نحو 40 جنديًا".
ويُحذّر يتسحاك بريك من أن الجيش لا يمتلك القدرات البرية الكافية لحسم المعركة، مما يجعل الغارات العسكرية المتكررة عديمة الجدوى.
ويصف استمرار الحرب بأنه يخدم أجندة نتنياهو السياسية على حساب الأسرى والقيم الأخلاقية.
وأشار إلى، أن الفشل في مواجهة "حماس" يعيد للأذهان إخفاقات إسرائيل مع "حزب الله"، حيث لم تؤدِّ العمليات العسكرية سوى إلى تصعيد التهديدات.
ويقول إنه ومع تصاعد المخاطر الإقليمية، بما في ذلك التوتر مع مصر وتركيا، تُظهر القيادة الحالية عجزًا في مواجهة التحديات الأمنية والاستراتيجية.
بريك يدعو إلى تغيير جذري في القيادة السياسية والعسكرية، مع إعادة بناء الجيش والاقتصاد والمجتمع لتجنّب تهديد وجودي قد يكون أسوأ مما واجهه الكيان في 7 أكتوبر 2023.