لم يشتَق عبد الجليل العبد (56 عامًا) وزوجته ابتسام (51 عامًا)، لنجلهما عمر _منفذ عملية "حلميش"_ يومًا ما بقدر ما يشتاقان له الآن بعد أن غيبته سجون الاحتلال الإسرائيلي خلف قضبانها.
وبقدر القلق الشديد الذي يداهم الوالدين، فإنهما لم يفقدا الأمل بزيارته للاطمئنان عليه في الوقت الذي يستعد فيه "الكنيست الإسرائيلي" لمناقشة مشروع قانون جديد، بموجبه؛ سيتم إيقاع عقوبة "الإعدام" بحق فلسطينيين.
ويزداد شوق العائلة القاطنة في بلدة كوبر، قضاء مدينة رام الله، للمعتقل عمر الذي لم يره أحد منذ اعتقاله وإخضاعه للتحقيق مساء الـ21 من يوليو/ تموز الماضي.
واكتفى ذووه بالاطمئنان عليه من خلال محاميه، الذي أكد لهم أنه "بحالة جيدة، ومعنويات عالية".
ولا تسمح سلطات الاحتلال لذوي الأسرى الفلسطينيين قيد التحقيق، بزيارتهم إلا بعد الانتهاء وإصدار أحكام السجن، كما يجري مع عمر حاليًا في مركز تحقيق "المسكوبية" الواقع في شمالي القدس المحتلة.
وبدا والد المعتقل أثناء حديثه لصحيفة "فلسطين" عبر سماعة الهاتف، غير آبه لمشروع القانون الجديد المقترح بعد دعوات سياسيين إسرائيليين لإيقاع هذه "العقوبة" على منفذ العملية.
ونفذ عمر البالغ من العمر (19 عامًا) عملية فدائية قتل خلالها 3 مستوطنين إسرائيليين وأصاب رابعًا بجراح خطرة، طعنا، في مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضي المواطنين في قرية النبي صالح، غربي مدينة رام الله.
وتزامن تنفيذ العملية، مع مواجهات اندلعت في الأراضي الفلسطينية رفضًا للبوابات الالكترونية التي قررت حكومة الاحتلال وضعها على أبواب المسجد الأقصى بعد مقتل عنصرين من شرطة الاحتلال داخل أسوار المسجد الأقصى في عملية نفذها الثلاثي محمد جبارين، من مدينة أم الفحم، داخل الأراضي المحتلة سنة 1948.
ولاحقًا؛ تراجعت حكومة الاحتلال وأزالت البوابات ودخل المقدسيون ساحات المسجد الأقصى معلنين انتصارهم بعد أسبوعين من الرباط أمام أبوابه.
وفي أعقاب تنفيذه العملية، لم يتمكن عمر _الذي كان يدرس إدارة أعمال في جامعة القدس المفتوحة_ من الفرار وأصيب برصاصة في منطقة الحوض خرجت من الجهة المقابلة، قبل اعتقاله وهو مضرج بالدماء.
ولم يكتفِ الاحتلال بهذا؛ فما هي ساعات حتى اقتحمت قوات الاحتلال منزل عائلته وعاثت فيه خرابًا "لم نره من قبل" كما يقول والد عمر.
وأضاف الوالد "اقتحم الاحتلال بيتي أربع مرات، وصادروا صور عمر، وأشياء أخرى".
وخلال واحدة من عمليات الاقتحام، جرى اعتقال منير العبد (21 عامًا)، وهو شقيق عمر.
وعن سبب اعتقاله قال والدهما: "لمحاولة الضغط على عمر، ولمعرفة إن كان لديه معلومات حول العملية التي نفذها شقيقه".
وفي وقت لاحق، سلمت قوات الاحتلال والد المعتقل إخطارا عسكريا بهدم بيته، كإجراء عقابي كان أهالي منفذي عمليات فدائية من محافظات الضفة الغربية المحتلة، تعرضوا له مسبقًا.
وقال: "هذا إجراء وحشي.. بيتي يأوي 9 أفراد والعاشر قادم في الطريق (يقصد حفيده نجل ابنه الأكبر خالد)، لكن هذا الاحتلال يُتوقع منه أي شيء".
وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، توعد بتنفيذ عقوبة "الإعدام" بحق عمر.
وأبرز من أيد إعدام منفذي العمليات، وزير التعليم في حكومة الاحتلال "نفتالي بينيت"، ووزير الجيش "أفيغدور ليبرمان".
وقال نتنياهو خلال زيارة لعائلة المستوطنين القتلى: "حان الوقت لتنفيذ عقوبة الإعدام"، مشيرًا إلى وجود هكذا عقوبة في قوانين (إسرائيل)، ويلزمها إجماع من قضاة المحكمة العليا.
ومقابل ذلك، تساءل والد عمر: "الاحتلال الذي يمثل الإرهاب يريد أن يعدم أبناءنا؛ كيف؟. على العالم محاربة هذا الاحتلال".
وأضاف "أشتاق وزوجتي كثيرًا لعمر، فلم نره منذ اعتقاله، كما نشتاق لابننا المعتقل منير.. ننتظر لحظة لقائهما بفارغ الصبر".