على طريق ذات الشوكة يمضي المجاهدون الأبطال، لا يعرفون للراحة أو القعود سبيلاً، فصمتهم ما هو إلا جهادٌ وإعدادٌ لطالما رأى العدو والصديق ثمرته في ساحات النزال.
الشهيد القسامي معاذ عمر أبو نعمة (22 عاماً) هو واحدٌ من هؤلاء المجاهدين الذين نَذروا أرواحهم وأنفسهم في سبيل الله فداء للوطن والقدس والمسجد الأقصى.
مضى عمر شهيداً إثر صعقة كهربائية أثناء عمله في أحد أنفاق المقاومة جنوب القطاع الخميس الماضي، ونعته كتائب الشهيد عز الدين القسام في بيان عسكري للأمة وقالت عنه: "غادر دنيانا وما غيّر أو بدّل ولا تخاذل أو تقاعس، بل نذر نفسه لله مجاهداً حتى لقي الله على ذلك".
وفي محافظة رفح جنوب القطاع، شيعت حشود المواطنين جثمانه ظهر الجمعة إلى مقبرة الشهداء الشرقية بعد أن ألقى ذووه عليه نظرة الوداع وأدوا صلاة الجنازة بمسجد العودة، ولسان حالهم في الموكب المهيب "لا ترتحل يا معاذ".
ووقف والد الشهيد أبو نعمة يقبل التهاني باستشهاد فلذة كبده، حاله كحال آباء الشهداء وذويهم من قبله، ليصف شعوره في هذا الموقف بالقول: "شعوري هو شعور كل أبٍ ربّى ابنه منذ طفولته حتى استشهد أمام عينيه".
وأوضح في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن لعزة الإسلام ضريبة يجب أن يدفعها أهل الإسلام، وأن الفلسطينيين اليوم يدفعون تلك الضريبة لثباتهم على المواقف الأصيلة في وجه الاحتلال.
وقال أبو نعمة: "أقدم نجلي اليوم فداء للمسجد الأقصى والقدس ونصرة لأهلها المرابطين والمرابطات"، مضيفا: "ونحن بإذن المولى عز وجل على دربه سائرون".
وتابع: "مستعدون للتضحية بأرواحنا وأبنائنا وكل ما نملك من أجل ارتفاع راية التوحيد فوق ربوع الوطن، ومن أجل نصرة دين الله".
أما عمر فقد ترك بعض الكلمات إرثاً لمن بعده، وكانت آخر منشوراته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "اللهم اشرح صدورنا بنورك فلا تضيق، وأنر بصائرنا بمعرفتك فلا نضل".
وكتب أيضا: "إذا زهد العبد في الدنيا أنبت الله الحكمة في قلبه"، وهو الأمر الذي أكده أحد أصدقائه "أبو عبد الله" عند حديثه عنه، فقال: "كان زاهدا في دنياه، كل ما يشغله أمر آخرته".
وتابع: "عندما كان يلقاني، يخبرني أنه يتمنى الزواج قبلي"، مضيفا: "هنيئا لمعاذ لقي ربه شهيدا، وتزوج الحور العين قبلنا بإذن المولى، سيما أنه كان ينتظر الشهادة منذ زمن".
بدوره، أوضح القيادي في حركة حماس وليد أبو ندى أن دماء الشهيد معاذ أبو نعمة تؤكد وترسل رسالة إلى كل أهلنا في فلسطين وخاصة المرابطين في بيت المقدس أن المقاومة تواصل إعداد العدة ولن تكف يدها أبدا عن الاحتلال المجرم.
وقال في حديثه لصحيفة "فلسطين": "مسيرة الجهاد والإعداد والشهداء والدماء الطاهرة لن تتوقف، وستساند إخواننا في القدس وستبقى جذوتها مستعرة دفاعا عن الأقصى وفلسطين".