فلسطين أون لاين

​اقتصاديون: تغير قناعة المستهلك عنصر مهم لإنجاح مقاطعة بضائع الاحتلال

...
غزة - رامي رمانة

أكد مختصون في الشأن الاقتصادي أن تغير قناعة المستهلكين تجاه المنتج المحلي عنصر مهم لإنجاح مقاطعة كافة البضائع الإسرائيلية وليست المستوطنات وحسب، مشددين على أن ذلك يتأتى من خلال تقديم منتجات بديلة ذات جودة عالية وأسعار مناسبة.

ويقدر حجم التصدير الإسرائيلي لأسواقنا بنحو ثلاثة مليارات دولار سنويًا؛ ويأتي السوق الفلسطيني في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث التسويق للمنتجات الإسرائيلية.

وقال المختص في الشأن الاقتصادي د. نور أبو الرُب: لا بد أن تكون مقاطعة البضائع الإسرائيلية نابعة من قناعة شعبية تبين لهم أن شراء المنتج المحلي يساهم في الحد من معدلات البطالة ويرفع دخل موازنة السلطة.

وأكد لصحيفة "فلسطين" أن معظم المنتجات الفلسطينية قادرة على المنافسة، في حين أن المستهلك نفسياً غير مقتنع بذلك، وبالتالي لا بد من تنفيذ حملات مستمرة، وإعلانات لتغيير الصورة الذهنية السائدة عند المستهلك.

وحث المؤسسات الاقتصادية المنتجة على تقديم منتجات ذات جودة عالية وأسعار مناسبة لإقناع المستهلك المحلي قبل الطلب منه العزوف عن شراء السلع الإسرائيلية البديلة.

وشدد على أن تنفيذ حملات مقاطعة خجولة لن تقنع المستهلك المحلي حتى وإن كان هناك تجاوب بعض الشيء، لأنه سرعان ما ينتهي الأثر مع زوال الحملة، مبيناً أهمية التبيان للمستهلكين أن أموالهم ستذهب لجيب الحكومة الإسرائيلية التي تخصص الرقم الأكبر من إسهاماتها من تلك الموازنة في شراء الأسلحة والمعدات العسكرية التي توجه لاقتناص حياة الفلسطينيين.

ونوه د. أبو الرب إلى أن تكبيل السلطة باتفاقيات اقتصادية ثنائية ودولية يمنعها من إصدار قرار رسمي بمقاطعة كافة البضائع الإسرائيلية، وأنه يسمح لها وفق القانون بمقاطعة بضائع المستوطنات لأنها تعتبر مقامة في مناطق فلسطينية محتلة.

وتضم المستوطنات خلف أسوارها العديد من المصانع والمنشآت التي حظيت بدعم ورعاية خاصة من قبل حكومات الاحتلال المتعاقبة؛ وذلك من خلال رصد الموازنات لإنشاء البنى التحتية، وتقديم التسهيلات؛ لا سيما الإعفاءات الضريبية، والحوافز المالية؛ وفتح المجال واسعا أمامها لاستغلال موارد الشعب الفلسطيني ونهب ثرواته.

فالتقديرات تشير إلى وجود نحو 250 مصنعًا في شتّى مجالات الإنتاج؛ فضلا عن ما يقارب 3000 منشأة أخرى، من مزارع وشركات ومحلات تجارية متنوعة؛ فالمستوطنات تنتج أكثر من 146 علامة تجارية في كافة القطاعات الإنتاجية؛ منها نحو 40 علامة تجارية غذائية، وقرابة 50 علامة تجارية منزلية، ونحو 56 علامة تجارية، لمنتجات وصناعات متنوعة.

بدوره أوضح المختص في الشأن الاقتصادي د. فاروق دواس أنه تم تشكيل لجنة فصائلية أثناء انتفاضة الأقصى الأولى، لمقاطعة كافة البضائع الإسرائيلية وليست المستوطنات، لتشجيع المنتجات الوطنية، ومن أجل بناء خطوات نحو الاستقلال الاقتصادي بجانب السياسي.

ونوه دواس لصحيفة "فلسطين" إلى أن تلك الحملة كانت تطفو وتخبو لعدة أسباب منها، محدودية المنتجات الفلسطينية في ذلك الوقت، مدخلات عمليات الإنتاج مستورة من الجانب الإسرائيلي، ارتباط مصالح المستوردين الفلسطينيين بالإسرائيليين.

ودعا إلى ضرورة إشراك كافة فئات المجتمع والقوى الوطنية والإسلامية لإعادة تفعيل هذه الحملة، مع العمل على إيجاد بدائل فلسطينية من السلع الزراعية والصناعية والخدمات، مشيراً إلى أن خسائر الجانب الإسرائيلي من هذه الحملات تكون كبيرة.

وأشار إلى أن السوق الفلسطيني يعد بالنسبة لحكومة الاحتلال "في منتهى الحيوية", إذ يشكل الثاني للصادرات الإسرائيلية بعد الولايات المتحدة الأمريكية.

يجدرُ الإشارة إلى أن مقاطعة الأسواق الأوروبية لمنتجات المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 أثر سلبًا على الاقتصاد الإسرائيلي؛ فقد برز تراجع مجمل صادرات الاستيطان الصناعية والتجارية في 2013 بنحو 14%؛ فيما سجلت المنتجات الزراعية من الخضروات والفواكه تراجعًا بحوالي 50%، بعد أن وصل حجم أرباح الصادرات الزراعية في 2012 إلى حوالي 650 مليون دولار.

ويأتي قرار المقاطعة الأوروبية للمستوطنات، نتيجة حكم المحكمة الدولية في لاهاي في عام 2004، والقاضي بأن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية، وتخرق البند 49 من ميثاق جنيف، الذي يحظر على دولة محتلة أن توطن سكانها في المناطق التي احتلتها.

وتضطرّ المقاطعة أصحاب المصانع في المستوطنات إلى إغلاقها؛ أو انتقالها إلى داخل كيان الاحتلال الإسرائيلي؛ وفي كلتا الحالتين النتيجة في غير صالح السياسة الاستيطانية الإسرائيلية؛ ولعل هذا ما يفسر قلق تل أبيب المتزايد حيال حملات المقاطعة، خصوصًا في أوروبا التي تعتبر من كبار المستوردين لبضائع (إسرائيل)؛ علمًا بأن صادرات المستوطنات الإسرائيلية لأوروبا تبلغ قيمتها 294.4 مليون دولار سنويًا، وهو رقم كبير مقارنة بصادرات الفلسطينيين للأسواق الأوروبية، التي لا تتجاوز 20 مليون دولار كل عام؛ لذلك سارعت حكومة الاحتلال إلى تخصيص مبلغ نحو 30 مليون دولار للقيام بحملة دعائية مضادة ومناهضة للشركات الأوروبية والأميركية التي تعلن المقاطعة.

وقد حذر نحو 100 رجل أعمال إسرائيلي من اتساع ظاهرة المقاطعة، وتداعياتها السلبية على الاقتصاد الإسرائيلي؛ فحسب المصادر الإسرائيلية، أدت المقاطعة إلى فصل 10,000 عامل وعاملة من وظائفهم؛ إضافة إلى إغلاق 70 منشأة اقتصادية واقعة المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية.