أسعد الله أوقاتكم أصدقائي.. سأحدثكم اليوم عن مخلوق عجيب مميز.. فانتبهوا جيداً!!
وخلية النحل هي البيت الكبير الذي تسكنه كل مملكة من ممالك النحل. فكل مجموعة كبيرة من النحل تقودها ملكة واحدة تسكن في خلية تبنيها بنفسها من الشمع بمقاسات ثابتة على الشجر أو في الجبال، وتكون الخلية على شكل عيون سداسية متراصَّة، جزء منها مخصص لحفظ العسل، حيث تصبح العيون الشمعية مثل البراميل يوضع فيها العسل، وعندما تمتلئ تُغلقها العاملات بطبقة شمعية لتأكل منها خلية النحل حين الحاجة إليها في مواسم البرد والمطر وعندما تجف الأزهار ويتوقف الرحيق. وجزء آخر من هذه العيون السداسية ينام فيها النحل، وتُحفظ البيوض حتى تفقس، وتبقى مثل الحاضنات للصغار حتى يكبروا.
في مملكة النحل، لا يوجد أفراد يعيشون عالة على غيرهم دون وظائف، أبداً، فلكل فرد وظيفة محددة، مثلاً: وظيفة الملكة وضع البيوض، وبقية النحل في المملكة يُقسم إلى مجموعات من الوظائف: عاملات على جمع الرحيق لصنع العسل، وحارسات للخلية من الأعداء، وراعيات للبيوض حتى تفقس وللصغار حتى يكبروا ويصبح بمقدورهم الطيران وحدهم واستلام وظيفة محددة، وعاملات على تنظيف الخلية... وهكذا.
في المملكة ما يجعل الملكة ملكة والخادمات خادمات، هو نوع الطعام الذي تُغذَّى به يرقات النحل بعد أن تفقس من البيوض، فنوع التغذية يُحدد الوظيفة بعد ذلك.
مملكة النحل مملكة عجيبة، يميزها النظام الشديد الذي تعيش فيه، والعسل الحلو الشهي الذي تُنتجه من بطونها، ويختلف لون العسل ونكهته بحسب رحيق الأزهار الذي امتصَّه النحل في ذلك الموسم!
في الصباح الباكر يستيقظ مجتمع النحل، ويبدأ كل فرد بممارسة وظيفته بهمة ونشاط، دون تذمر أو شكوى أو اعتراض.. ويبذل جهده للمحافظة على خليته.
سأل طفل: كيف تخرج النحلات من مملكتها لجمع الرحيق ثم ترجع مساءً إلى الخلية نفسها.. ألا تضيع في الطريق؟
وفعلاً، تخرج العاملات من الخلية صباحاً، وتطير لمسافات طويلة بعيدة عن خليتها، باحثة عن رحيق الأزهار في الأودية العميقة والسهول الممتدة والبراري الواسعة والجبال الشاهقة، وعندما يمتلئ بطنها تعود مرة أخرى إلى خليتها مهما كانت بعيدة.
وتستدل النحلة إلى طريق خليتها بسهولة مهما ابتعدت، لأن الله فطرها على رسم خرائط ذهنية للأماكن التي تمر منها خلال طيرانها وعندما تريد العودة تتَّبع هذه الخرائط بسهولة وتميز خليتها من بين خلايا النحل الأخرى..
جزء من الرحيق الذي تجمعه النحلة تأكله خلال رحلتها اليومية، وجزء آخر تخزنه في جيوب خاصة في بطنها ليتحول إلى عسل، وجزء ثالث يتحول إلى شمع في غدد خاصة في بطن النحلة أيضاً، وعندما تصل النحلة إلى خليتها، تُفرغ العسل في العيون السداسية المخصصة لحفظ العسل، أما الشمع فتفرزه على شكل سائل شمعي يتجمد بعد خروجه وتقوم النحلة بتشكيله على شكل عيون سداسية.. لخدمة مجتمع النحل في الخلية.
النحل مثالاً على الجدِّ والاجتهاد، فهو لا يعرف الكسل، ومثالاً على عبادة الله مهما كثرت المشاغل، فهو لا يتوقف عن تسبيح الله خلال ترحاله وعمله.. فسبحان الخالق المبدع!