عرض منتدى الإبداع الثقافي في كلية الآداب بالتعاون مع اللجنة الثقافية بقسم اللغة العربية ومركز العلم والثقافة فيلم (الوراقون) عن المخطوطات، وذلك بحضور رئيس قسم اللغة العربية د. باسم البابلي، ورئيس منتدى الإبداع الثقافي أ.د. كمال أحمد غنيم، وجمع من المثقفين والمهتمين.
تحدث (أ. ناجح بكيرات) مدير مركز ترميم المخطوطات في القدس عن إحساسه المبكر بأهمية المخطوطات، وضرورة المحافظة عليها، وأوشكت الدموع أن تتدفق من عينيه وهو يتحدث عن تلف الكثير منها قبل الشروع بحمايتها وترميمها، وكيف عملوا على حفظ بعضها على حاله أملا منهم في أن يأتي يوم يستطيع فيه العلم حل مشكلة التصاق أوراق بعض المخطوطات ببعضها.
وردد بكيرات كلمات أبي حامد الغزالي: "العمل بلا حكمة جنون، والحكمة بلا عمل لا يكون"، مستشعرا أهمية نقل الرسالة عبر القرون، لأنهم كتبوا ليحفظ التاريخ عملهم، وليستمر عطاؤهم.
وبين بكيرات أنه تم اختيار المدرسة الأشرفية ضمن رحاب المسجد الأقصى لتكون مكانا يحفظ المخطوطات، وفيها أربعة آلاف مخطوط. وقدر أن عدد المخطوطات يصل في القدس إلى 12 ألف مخطوط، ويصل إلى مائة وعشرين ألف مخطوط في فلسطين.
وتحدث عن دور متوقع لتحقيق المخطوطات في حل مشاكل تحتاج الأمة بل الإنسانية إليها، من ذلك حل مشكلة مرض السرطان وغيره من الأمراض المستعصية، إضافة إلى حل مشاكل أخرى مثل الازدحام السكاني، والتعامل السلوكي مع الأبناء.
وتحدث (د. عبد العزيز بن عبد الجليل) محقق مخطوطات من المملكة المغربية عن أهمية التراث الفكري، الذي تحتويه المخطوطات، مبينا أن علاقته الأولى بالمخطوطات من خلال دراسته الجامعية لأن معظم الكتب التي درسها كانت من الكتب التراثية. وبين أنه اهتم بتاريخ الموسيقا في الأندلس والمغرب، وحقق كتابين من التراث المغربي "إيقاد الشموع" و"أغاني السقا ومغاني الموسيقا" أو "الارتقا إلى علم الموسيقا". وهو يرى أن تحقيق المخطوطات يشبه دور المشائين في نقل ما كان يمليه أرسطو وسقراط في الفلسفة اليونانية. وقال إن "المحقق الناجح هو الذي يقدر المسئولية العلمية التي يتحملها من خلال إخراجه لكتاب دفين". وقال في انفعال: "عندما أحقق مخطوطة أتخيل صاحب المخطوطة يحدثني وينبهني كي لا أقع في تأويل غير صائب".
وتحدث (د. فيصل الحفيان) منسق برامج معهد المخطوطات العربي عن عدد المخطوطات العربية في العالم التي تصل من مليون إلى أربعة ملايين مخطوط، وفي ذلك مؤشر إلى حجم الجهد المطلوب لتحقيقها، وإعادتها إلى الحياة، وبين أن تركيا فيها النصيب الأكبر من المخطوطات.
وأكد أن بعض المخطوطات تعالج قضايا ما زالت عصرية تلزمنا في زماننا، من ذلك المخطوط العلمي الذي نشره معهد المخطوطات في هندسة المياه الجوفية عند العرب، اسمه "إنباط المياه الخفية"، ومخطوط آخر عن تلوث الهواء اسمه "مادة البقاء في إصلاح فساد الهواء والتحرز من ضرر الأوباء" للتميمي المتوفى في القرن الرابع الهجري.
وتحدثت (د. نزهة بن سعدون) رئيسة قسم المخطوطات في المكتبة الوطنية المغربية عن علاقتها الحميمة بالمخطوطات من تسعينات القرن الماضي، وكيف تنوعت آلية الحصول عليها من شراء أو تبادل أحيانا، وعن دور المكتبة الوطنية في حفظها، التي اشتمل على 14370 مجلدا، وحوالي 34 الف عنوان مفهرس في قاعدة البيانات.
وأكدت أن الاهتمام بالكتب العلمية والطبية ضعيف على الرغم من أن الغرب يهتم بها ويترجمها، وعرضت على سبيل المثال مخطوطا في الطب للكاتب"أبو القاسم خلف بن عياش الزهراوي الأندلسي" وفيه صور لأدوات الجراحة التي تستخدم حتى الآن، وهو كتاب ترجم إلى عدة لغات في الأندلس.
وعرض الفيلم آليات حفظ المخطوط من خلال مراحل منها الشفط وتنظيف المخطوط، وتعقيمه ضد العفونة، وتعليبه بحفظه في صناديق من كرتون خاص بمقاس المخطوط ذات مادة حمضية، انتظارا لترميمه بحفظه من خلال الورق الياباني.