فلسطين أون لاين

كوخافي إذ يستبعد العملية البرية في العدوان القادم

جاء مفاجئا ولافتا أن يستبعد قائد هيئة أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي علانية "الدخول البري إلى قطاع غزة في أي حرب قادمة، والقول إنها ستكون جوية فقط"، مع أن هذا الإعلان حين يأتي من الجندي رقم 1، فهو يحمل مضامين كثيرة، تتعلق بتعاظم قدرات المقاومة، وامتلاكها صواريخ مضادة للدروع، بإمكانها إصابة الآليات المتوغلة، وفي الوقت ذاته قد يكون من باب التمويه والحيلة، وهو ما تدركه المقاومة.

تصريح كوخافي غير المعتاد يعيد للأذهان دخول العدوانات السابقة على غزة مراحلها الخطيرة ببدء العد التنازلي في كل مرة لإطلاق العملية البرية، بالرغم من أن قادة الاحتلال من المستويين السياسي والعسكري فضلوا الإنهاء السريع لأي حرب قبل التورط في العملية البرية.

يعلم الإسرائيليون جيدا قيود القوة التي يحوزها جيشهم، الذي كان لا يقهر، قبل أن تقهره غزة ومقاتلوها، ولذلك يخافون ويعرقون كلما بدأ الحديث عن العملية البرية، وهم محقون بالمناسبة، فالأمر ليس بسيطًا، لأنّهم يعرفون أنّ الدخول البري إلى غزة سيكون فتاكًا، وسيجبي دمًا كثيرًا، والدليل أن جلسات الكابينيت المتتالية أوصت دائما بتجنب التوغل البري.

في المقابل، أبدت المقاومة استعدادها لأي عملية برية يخطط لها الاحتلال، رغم علمها اليقين بأنها تعني وقوع خسائر بشرية باهظة في صفوفها، لكنها في المقابل اعتبرت أنها فرصة لتحرير مزيد من الأسرى من سجون الاحتلال، ولذلك أعدت نفسها لمعركة طويلة جداً، ليست لأسبوع أو عشرة أيام، بل لأسابيع طويلة جداً، مشددة على وجود مزيد من المفاجآت في المعركة البرية، إن وقعت.

هل يمكن القول إذن إن تصريح كوخافي جاء استخلاصا مبكرا من فشل خطته الشهيرة "مترو حماس" خلال العدوان الأخير في مايو، وبالتالي فقد طوى صفحة العملية البرية، على الأقل في عهده قائدا للجيش، أم أنه أعاد النظر في مخططاته القتالية خشية أن يتمثل ذهابه للعملية البرية في المواجهة القادمة خيارا انتحاريا، لأنه سيحول جنوده في شوارع غزة من صيادين إلى مصطادين، أو كالبط في مرمى النيران، من خلال التخطيط المميز والإعداد والرصد المسبق للمقاومة، وتحديد نقاط الضعف في صفوف العدو، واستغلال عنصر المفاجأة الذي يربك جنوده، ويجعلهم يسقطون برصاص المقاومين.

خلاصة القول إن تصريح كوخافي قد يشكل في "ظاهره" إقرارا بفشل مواجهة مقاتلي المقاومة وجها لوجه، وهذا انتصار معنوي كبير لها، وقد يحمل في "باطنه" خديعة لجعلها أقل اهتماما بتدريب مقاتليها على مواجهة جنود الاحتلال، وفي الحالتين يعلم كوخافي أن سلاح الجو، رغم ما يوقعه من خسائر بشرية ودمار عمراني، لكنه في النهاية لا يحقق انتصارا، ولا ينتزع من المقاومة الراية البيضاء!