مع التطورات الأمنية المتلاحقة في الضفة الغربية، سواء تجاه علاقة الفلسطينيين مع الاحتلال، في ظل تصاعد عمليات المقاومة، أو تصدع أوضاع السلطة الفلسطينية على الأصعدة الأمنية والاقتصادية، التي باتت سيئة للغاية، أظهرت أوساط أمنية إسرائيلية قلقها من مستقبل السلطة الفلسطينية، وحذر جهاز الأمن العام -الشاباك من احتمال انهيارها.
ترصد الأوساط الأمنية الإسرائيلية ما تقول إنها بوادر "انتفاضة" جيل الشباب الفلسطيني الصاعد ضد هذه الأوضاع مجتمعة، سواء ضد الاحتلال أو السلطة الفلسطينية على حد سواء، في الوقت الذي اكتسبت فيه المقاومة زخمًا جديدًا في الشارع الفلسطيني بعد حرب غزة الأخيرة، وتدهور الوضع الاقتصادي في الضفة الغربية.
تعتقد ذات المحافل الإسرائيلية أن ما تصفه بـ"ظاهرة الفساد" في السلطة الفلسطينية أدت لتآكل كبير في مكانتها في بين الفلسطينيين، وأظهر استطلاع للرأي العام أن 63٪ منهم يعتقدون أن مستوى الفساد في مؤسسات السلطة لا يزال مرتفعًا.
مع العلم أن السلطة الفلسطينية في الوقت ذاته تسعى بالتنسيق مع (إسرائيل) لوقف جهود المقاومة لإحداث موجة جديدة من الهجمات المسلحة في القدس والضفة الغربية، وتقويض استقرار الأمن فيهما، بالتزامن مع إعلان الشاباك عن إحباط البنية التحتية لـ60 من نشطاء حماس العاملين في الضفة الغربية، خططوا لتنفيذ عمليات فدائية كبيرة.
وفيما توصلت الحكومة الإسرائيلية لتفاهمات مع الإدارة الأمريكية بضرورة تعزيز الوضع الاقتصادي للسلطة، فإن الأخيرة تظهر تراجعًا في مدى سيطرتها على الضفة الغربية، خاصة منطقتي جنين ومخيمها شمالًا، والخليل جنوبًا، إذ بدأت تنتشر مظاهر أمنية تعدها (إسرائيل) "فوضى" تعطي مؤشرات سلبية على زعزعة وضع السلطة، خاصة في حرم الجامعات التي باتت تتحول في الآونة الأخيرة إلى ساحات مواجهات بين الطلاب وقوات الأمن الفلسطينية.
تتحدث الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن هناك مخاوف سائدة في الدوائر الضيقة برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مصدرها الخوف من اندلاع أحداث عنف بين جيل الشباب بسبب الوضع السياسي المتأزم، ولذلك تقوم قواتها الأمنية باعتقالات بين الطلاب، وتحاول تقليص نفوذ الفصائل المعارضة لها، قبيل انتخابات اتحاد الطلاب في مختلف جامعات الضفة الغربية.
خلاصة التحدي الحقيقي لدى (إسرائيل) تكمن في أن عباس يضعف، ويفقد السيطرة، ويزداد خوفه من اندلاع انتفاضة ضد حكمه، وهذا تحدٍّ أمني كبير لمن سيعينون خلفًا مؤقتًا له، رغم أن المصلحة الإسرائيلية تتطلب استمراره في منصبه، وأن يظل حكمه مستقرًّا، وإلا فإن خطر سيطرة حماس على الضفة الغربية سيتحول تدريجيًّا إلى خطر حقيقي على الأمن الإسرائيلي، رغم المبالغة في ذلك، لحسابات إسرائيلية متعلقة بتخويف السلطة الفلسطينية، وإبقائها دائمًا تحت سطوة الابتزاز الإسرائيلي.