فلسطين أون لاين

تقرير "حرب الأنفاق".. هكذا أجبرت المقاومة الاحتلال على الهرب من غزة

...
غزة/ محمد أبو شحمة:

في السنوات التي عانى فيها الغزيون وجودَ المستوطنات على أراضيهم، برعت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، في تنفيذ سلسلة من العمليات العسكرية المؤثرة التي أوقعت خسائر فادحة في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأجبرته على الاندحار والهرب.

وأظهرت كتائب القسام عبر عملياتها التي نفذها مقاتلوها داخل مستوطنات الاحتلال قوة المقاتل الفلسطيني، وجودة تخطيط المقاومة، ودقة المعلومات الاستخبارية التي تملكها.

وكان من أبرز تلك العمليات "حرب الأنفاق"، التي كانت الأشد تأثيرا في العامين الأخيرين اللذين سبقا اندحار الاحتلال عام 2005، واستهدفت مواقع عسكرية إسرائيلية حصينة.

ووقفت كتائب القسام وراء غالبية تلك العمليات، سواء بتنفيذها منفردة أو بمشاركة فصائل أخرى.

وأبرز هذه العمليات تدمير الكتائب موقعًا عسكريا عام 2004، كان يطلق عليه "موقع محفوظة" وهو ثكنة عسكرية حصينة شمال خان يونس، وقالت الكتائب في حينه إن العملية رد على جريمتي اغتيال المؤسسين الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي.

وكانت عملية حاجز المطاحن عام 2005، التي أطلقت عليها كتائب القسام اسم "ثقب في القلب"، إحدى العمليات النوعية التي سبقت الاندحار بأشهر قليلة، عندما فجر الاستشهادي عمر طبش حزامًا ناسفًا كان يرتديه، وسط مجموعة من ضباط الاحتلال على حاجز عسكري وسط القطاع، فقتل ضابطين وأصاب 7 آخرين.

ونجحت الكتائب في عملية أطلقت عليها "السهم الثاقب" عام 2004، في استدراج قوات خاصة إسرائيلية نحو نفق متفجر قرب مستوطنة "ناحل عوز" شرق مدينة غزة، وأسفرت العملية عن مقتل إسرائيلي وإصابة 4 آخرين.

ونسف مقاومون ناقلة جند خلال التصدي لاجتياح حي الزيتون جنوب شرقي مدينة غزة عام 2004، واعترف الاحتلال بمقتل 6 من جنوده في سلاح الهندسة.

اختراق الحصون

ومن العمليات القوية لكتائب القسام أيضًا، تمكن الاستشهادي محمد فرحات (19 عامًا) من اقتحام حصون الاحتلال وإجراءاته الأمنية المشددة في مارس/ آذار 2002، ليضرب نظرية الأمن الإسرائيلي التي زُلزلت تحت ضربات المقاومة الفلسطينية.

ونجح فرحات في النفاذ من سلسلة حواجز أمنية وعسكرية لجيش الاحتلال، والوصول إلى مستوطنة "عتصمونا"، والاشتباك مع دورية عسكرية كانت مكلفة بالحراسة مكونة من ثلاثة جنود هناك، فقتل جميع أفرادها.

ودخل فرحات إلى مدرسة عسكرية إسرائيلية كان ملتحقوها تحت الإعداد للالتحاق بصفوف جيش الاحتلال، وفتح نيران بندقيته صوبهم وألقى عددًا من القنابل اليدوية التي كانت بحوزته، وفي أثناء ذلك وصلت الإمدادات العسكرية الإسرائيلية، واشتبك مجددا مع قواتها حتى استشهد وقد نفدت ذخيرته.

شهب وسط الليل

ويستذكر المواطن أحمد حمدي اللحظات الأولى لعملية كتائب القسام التي استهدفت حاجز "كفار دروم"، حيث تعالت ألهبة النار من الموقع العسكري شديد التحصين.

وقال حمدي في حديثه لصحيفة "فلسطين": في ذلك الوقت دوت انفجارات قوية جدا بشكل مفاجئ ونحن نائمون، ولم نعرف مصدرها، لكن سريعًا تم تناقل أخبار أنها داخل موقع عسكري إسرائيلي، فتعالت أصوات التكبير والتهليل من الأهالي تلقائيا، فرحًا بهذه العملية البطولية، خاصة أنها جاءت بعد اغتيال جيش الاحتلال الشيخ ياسين.

وأوضح أن فرحة المواطنين المحيطين بالحاجز العسكري كانت كبيرة جدا، لكونه كان من أسوأ الحواجز العسكرية في ذلك الوقت، وشكل مصيدة للشباب ومكانا ذاق فيه المواطنون أشكال الذل، إذ كان يفصل بين محافظات شمالي القطاع وجنوبه.

بدوره، أكد المختص في الشؤون الأمنية والعسكرية رامي أبو زبيدة أن كتائب القسام في سنوات وجود الاحتلال بقطاع غزة أبدعت في العمليات العسكرية ضده، وكبدته خسائر فادحة.

ولفت أبو زبيدة في حديثه لـ"فلسطين" إلى أن سنوات وجود الاحتلال في القطاع شهدت عمليات نوعية، كان أبرزها حرب الأنفاق التي استهدفت مواقع إسرائيلية حصينة، وكانت من إبداع كتائب القسام، مشيرا إلى أن أبرز العمليات كانت استهداف "موقع محفوظة"، و"ثقب في القلب"، حيث استهدف الاستشهادي عمر بطش جنودا من استخبارات الاحتلال وأوقع خسائر فادحة في صفوفهم.

وأضاف أن عملية الاستشهادي فرحات كانت من أقوى عمليات القسام، حيث أدت لمقتل أكثر من 7 جنود، ومن خلالها استطاعت المقاومة إثبات نفسها، وتكبيد الاحتلال خسائر فادحة، حيث بات يعلم جيدا أن وجوده في القطاع مكلف، ولا طاقة له به.

ونبه إلى أن عملية فرحات أحدثت هزة داخل جيش الاحتلال، حيث نجح شاب فلسطيني في اقتحام عمق المستوطنة، وقتل وجرح عددًا كبيرًا من الجنود.

وأمام تلك العمليات قرر الاحتلال الهرب من غزة، واتخذ القرار رئيس حكومة الاحتلال آنذاك أرييل شارون، لتكون غزة أول تراب فلسطيني محرر من دنس المحتل.