فلسطين أون لاين

إدمان ألعاب الفيديو يقود إلى اضطرابات شخصية واجتماعية

...
صورة تعبيرية
غزة/ هدى الدلو:

تنتشر الألعاب الإلكترونية بين أوساط الأطفال والمراهقين انتشار النار في الهشيم. وبينما تضع منظمة الصحة العالمية مقاربات بين إدمان ألعاب الفيديو وإدمان الميسر، تؤكد ضرورة وضع خطط مستقبلية لتشخيصه والتعامل معه بصورة مبكرة.

وتُعرِّف المنظمة هذا الاضطراب بأنه استحواذ ألعاب الفيديو على حياة الناس لمدة عام أو أكثر على حساب الأنشطة الأخرى، و"مواصلة ممارسة اللعب أو زيادة ممارسته برغم ما يخلفه من عواقب سلبية".

وأدرجت المنظمة الاضطراب الناجم عن الألعاب في التصنيف الدولي للأمراض عام 2018.

وتقول: إن "إدمان ألعاب الفيديو قد يؤدي إلى ضعف كبير في المجالات الشخصية والأسرية والاجتماعية والتعليمية، أو المهنية وغيرها من المجالات المهمة، وعادةً ما تكون جوانب الاضطراب واحدة لمدة 12 شهرًا على الأقل، وهو ما يستلزم سرعة التشخيص".

وتشير المنظمة إلى أوجه شبه بين إدمان ألعاب الفيديو وإدمان الميسر (القمار والكحوليات)؛ إذ إن الأشخاص الذين يقعون في قبضة إدمان ألعاب الفيديو يضعون ممارسة تلك الألعاب على قائمة أولوياتهم الحياتية، ويهتمون بها على حساب أنشطتهم اليومية العادية، وفي بعض الأحيان لا يأكلون أو يذهبون إلى الحمام، ما قد يؤدي إلى عواقب صحية وسلوكية سلبية يتم توثيقها على نحوٍ متزايد في جميع أنحاء العالم، ما دفع منظمة الصحة العالمية إلى النظر في هذه القضايا من منظور الصحة العامة.

وعلى الرغم من عدم الاعتراف بإدمان الألعاب كاضطراب يمكن تشخيصه في كل دول العالم، فإن هذا الإدمان يمثل مشكلة حقيقية لكثير من الناس، فوفقًا لجامعة نيو مكسيكو، وحسب ما نشر موقع (Psychguides) فإن الدراسات الحديثة تشير إلى أن نحو 15% من جميع اللاعبين تظهر عليهم علامات يمكن وصفها بالإدمان.

وتبين الدراسات أن لهذا الاضطراب له عواقب وخيمة على أولئك الذين يعانونه، ومن الصعب جدًّا في بعض الأحيان التعرف على علاماته وأعراضه.

وتصدرت قصة مراهق إسباني عمره 15 عامًا الصحف العالمية بعدما تلقى علاجًا لمدة شهرين في المستشفى بسبب إدمانه لعبة "فورتنايت". والفريق الطبي الذي أشرف على علاجه قال إنها أول حالة سريرية من نوعها في العالم لعلاج إدمانه، لكونه كان يقضي عليها 20 ساعة يوميًّا في اللعب.

واللعبة الشهيرة من تطوير شركة إيبك غيمز، وأطلقت أول مرة للحواسيب الشخصية في 2017، وأشهر إصدارتها لعبة "فورتنايت باتل رويال"، واستقطبت أكثر من 350 مليون لاعب منذ طرحها على سوق "جوجل بلاي" في أغسطس 2018، محققة إيرادات بمئات الملايين من الدولارات شهريًّا.

ولخص فريق من الأطباء الذين اعتنوا بالمريض الإسباني في أحد مستشفيات مدينة كاستيلون بشرق البلاد، الأعراض التي ظهرت على المريض، وتمثلت بحب العزلة عن الآخرين، وتجنب أشكال التفاعل الاجتماعي، ورفض العناية الطبية، وعدم المرونة النفسية، وعدم الاهتمام بالأصدقاء والعائلة، وتأثر نمط حياته بشكل واضح وخطير بسبب الإدمان.

وحذّر الفريق المشرف من أن الإفراط في استخدام التكنولوجيا كنشاط ترفيهي يومي يوضح أهمية العلاجات المتخصصة لمن تظهر عليهم علامات الإدمان السلوكي، فهذه الحالة إنذار للأهالي والأطفال، خصوصًا بعد الإغلاق الذي فرضته جائحة كورونا.

وعدّت اختصاصية السلوك البريطانية لورين مارير التي تعمل مع الأطفال الذين يكافحون إدمان الألعاب، لعبة "فورتنايت" مثل مخدر الهيروين، "بمجرد أن تصبح مدمن مخدرات، من الصعب أن تتخلص من حاجتك لها".

الابتكار والتحول المؤقت

ووفق مواقع، فإن اللاعبون الذين يعانون هذا النوع من الإدمان يستمتعون بالابتكار والتحول مؤقتًا إلى شخصية افتراضية؛ وغالبًا ما يبنون علاقات مع لاعبين آخرين عبر الإنترنت للهروب من الواقع، ولشعورهم أنهم مقبولين من الآخرين، ويتصرفوا دون قيود وأحكام.

ويعود سبب إدمان ألعاب الفيديو إلى كونها مصممة على هذا النحو، وهناك عوارض إدمان ألعاب الفيديو وهي إشارات تحذيرية منها عاطفية كالشعور بالتململ والتهيج عند عدم القدرة على اللعب، والكذب على الأصدقاء، والعزلة، وجسدية كالشعور بالتعب، والصداع النصفي، وتردي النظافة الشخصية.

حذر موقع (Addiction Center) الأمريكي والمتخصص بأنواع الإدمان من أن إدمان ألعاب الفيديو لا يهدد المراهقين فقط، بل يطال البالغين أيضًا، والذين قد تنقلب حياتهم رأسًا على عقب نتيجة تراجع أدائهم المهني أو انفصالهم عن الشريك، كالفورتنايت، وببجي، ودوري الأساطير، ونداء الواجب، وكاندي كراش، وعالم الحرب، وغيرها.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن إدمان ألعاب الفيديو نوعًا من السلوكيات الإدمانية الذي لا يختلف عن المواد المخدرة، فأي سلوك إدماني يدفع المدمن للتصرف بشكل غير معتاد وقد تصل أحيانًا إلى سلوكيات مدمرة تنهي حياته، لذلك ضمت المنظمة في تحديثها لمسودة الاضطرابات العقلية "اضطراب ألعاب الفيديو" والذي اعتبرت إدمانه مرض عقلي مُعترف به على قائمة الأمراض العقلية.

وحسب المنظمة فإن أفضل مدة لعب للأطفال خلال أيام الأسبوع هي ساعة واحدة يوميًا، وفي أيام العطل من ساعتين إلى ثلاث.