في الرابع عشر من رمضان عام 492هـ الموافق الثالث عشر من أغسطس 1099م وصلت القوات الصليبية إلى السهل القريب من عسقلان ودارت رحى المعركة بين الصليبيين والفاطميين على أرض قرية حمامة التي كانت تتبع عسقلان، "وتمكنت سيوف الإفرنج من المسلمين، فأتى القتل على الراجل والمطوعة وأهل البلد، وكانوا زهاء عشرة آلاف نفس"، وهذا يدل على المشاركة الواسعة للمقاومة الشعبية التي لجأ أفرادها بعد الهزيمة التي حاقت بهم إلى تسلق أشجار الجميز ليحتموا بها، فعمد الصليبيون إلى إحراق تلك الأشجار "حتى هلك من فيها، وقتلوا من خرج منها"، على حد قول ابن الأثير.
وقد أغرى الانتصار الذي حققته القوات الصليبية في معركة عسقلان جودفري لحصار مدينة عسقلان بغية احتلالها، وبالفعل "نازل الفرنج عسقلان وضايقوها"، فنهض سكانها للدفاع عنها في مقاومة شعبية لا مثيل لها، إذ استشهد نتيجة صد هذا العدوان "من أهل عسقلان من شهودها وتجارها وأحداثها سوى أجنادها ألفان وسبعمائة نفس"، وأمام هذا الصمود الشعبي قرر الصليبيون رفع الحصار عن المدينة بعد "أن قرروا عليها عشرين ألف دينار تحمل إليهم".
لكن الخلاف الذي وقع بين ريموند الصنجيلي وجودفري البويوني (خشي الأخير تأسيس ريموند إمارة لنفسه على الساحل فيحرم مدينة بيت المقدس المحتلة شواطئها الطبيعية على البحر) كان لمصلحة أهل عسقلان الذين شرعوا في جباية الأموال لتسليمها إلى القوات الصليبية نظير فكها الحصار عن مدينتهم، وعندما علم أهل عسقلان بوقوع الخلاف بين قادة الجيش الصليبي وانسحاب الجزء الأكبر من هذا الجيش اشتدت مقاومتهم، ما أدى إلى رحيل هذه القوات بعد شهرين من الحصار، وفي الوقت نفسه حدث خلاف بين وجوه ومشايخ وأعيان البلد في شرعية هذا المال، فرحل الصليبيون "ولم يقبضوا من المال شيئًا".