في الخامس عشر من رمضان عام 584هـ الموافق 6 نوفمبر 1188م سار صلاح الدين من دمشق إلى قلعة صفد في شمال فلسطين فحاصرها وقاتلها، ونصب عليها المجانيق، وأدام الرمي عليها ليلًا ونهارًا بالحجارة والسهام، وكان أهلها قد قاربت ذخائرهم وأزوادهم أن تفنى في المدة التي كانوا فيها محاصرين، فإن عسكر صلاح الدين كان يحاصرهم، كما ذكرنا، فلما رأى أهلها جد صلاح الدين في قتالهم، خافوا أن يقيم إلى أن يفنى ما بقي معهم من أقواتهم، وكانت قليلة، ويأخذهم عنوة ويهلكهم، أو أنهم يضعفون عن مقاومته قبل فناء ما عندهم من القوت فيأخذهم، فأرسلوا يطلبون الأمان، فأمنهم وتسلمها منهم، فخرجوا عنها وساروا إلى مدينة صور، وكفى الله المؤمنين شرهم، فإنهم كانوا يحتلون موقعًا متوسطًا من البلاد الإسلامية ويتحكمون بطرق القوافل.