مع زيادة حالة الاضطرابات الداخلية التي تعانيها دولة الاحتلال في السنوات الأخيرة، فإن هناك تهديدات خارجية خطرة ما زالت تشكل تحديات لأمنها، والعجز القائم أمامها، مع ما يترتب على ذلك من مخاطر عالية لإلحاق الضرر بالجبهة الداخلية الإسرائيلية.
على الصعيد الفلسطيني، تعيش (إسرائيل) صراعًا عنيفًا طويل الأمد، وغير قابل للحل في المستقبل المنظور معهم، ما يدفعها لإبداء مزيد من الاستعداد للحرب والمواجهة، مع ما يشكله من أعلى اختبار للمجتمع الإسرائيلي، الذي يواجه مزيدًا من مظاهر التفكك الداخلي.
في المستقبل المنظور، تتحدث المحافل السياسية والعسكرية عن الحاجة لما تراه إدارة للصراع مع السلطة الفلسطينية، وتعزيز الردع أمام حماس، بالاستعداد للقتال عبر مجموعة متنوعة من السيناريوهات الميدانية، خاصة الحرب الصاروخية متعددة الساحات، وبناء قوة برية قادرة على المناورة، ونقل القتال إلى خارج الحدود، ولعل تجربة حرب غزة الأخيرة أظهرت حساسية الإسرائيليين للخسائر البشرية والاقتصادية.
تعتمد السياسة الإسرائيلية بـ"إدارة الصراع" مع الفلسطينيين على أساس الاعتراف بأن التسوية الدائمة معهم ليست على عتبة الباب؛ لذلك فإن الهدف الواقعي هو تقليل تكلفة الصراع للطرفين، من خلال الاستخدام المحسوب للقوة، و"الجزرة" الاقتصادية، وتحسين الوضع في المنطقة "ج"، والحفاظ على الواقع الاستيطاني الحالي فيها، وتوسيع البناء في غلاف القدس المحتلة.
مع العلم أن الاستراتيجية الإسرائيلية تتمثل بإبداء مزيد من الاستعدادات لمنع حماس من مد نفوذها وسيطرتها على الأراضي الفلسطينية في مرحلة ما بعد أبو مازن، والحفاظ على التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والاحتلال، والرد على "تقاطر" الصواريخ من غزة، وإبرام صفقة تبادل أسرى مقابل إعادة إعمار غزة، مع الاستمرار بسياسة "جز العشب"، بتوجيه ضربات قوية للمقاومة، بهدف تحقيق الردع لأطول فترة ممكنة.
فيما يتعلق بوضع القدس المحتلة، تطالب المحافل الإسرائيلية بوضعها على رأس قائمة الأولويات، لأن حرب غزة الأخيرة أشارت إلى استمرار المحاولات الفلسطينية لتحدي سيطرة الاحتلال على المدينة المقدسة، ما يدفعها لأن تطالب الدوائر الحكومية بأن تحتل مكانة عالية في أولوياتها، بزعم أن أمن الاحتلال يتطلب السيطرة على القدس المحتلة، والمناطق المحيطة بها، وتعزيز الأغلبية اليهودية فيها بالبناء المكثف باتجاه معاليه أدوميم.
ختامًا، وفيما يتعلق بإدارة الصراع مع الفلسطينيين، هناك توجه إسرائيلي للاستفادة من أحداث ومظاهرات واحتجاجات فلسطينيي الـ48 خلال حرب غزة الأخيرة، من خلال العمل على تقليص الفروقات بين القطاعين اليهودي والعربي داخل (إسرائيل)، لما تشكله من دور في إذكاء الصراع العرقي والديني الذي طال أمده، رغم ما تقوم به أجهزة أمن الاحتلال من تحريض داخلي على فلسطينيي الـ48، وبث الفرقة بين صفوفهم، فضلًا عن النشر المتعمد للسلاح بينهم، شرط استخدامه في الجريمة والعنف الداخلي.