بينما تروج السلطة إعلاميا منذ أشهر أنها تمر بأزمة مالية خانقة حتى وصل العجز في ميزانيتها إلى مليار دولار، تخرج حكومة اشتية بقرار تخصيص مبلغ مليون دولار لشراء جيبات حديثة لجهاز حرس الرئيس الخاضع لإمرة رئيس السلطة محمود عباس.
وبحسب مصادر مطلعة، فقد صدّقت حكومة اشتية في 9 مارس الماضي، على شراء 13 مركبة من نوع فورد 2021، لصالح جهاز حرس الرئيس من شركة الرامي موتورز المملوكة لرجل الأعمال علاء الدين شحادة غزاونة بتكلفة إجمالية بلغت 956800 دولار.
ومنذ شهر أبريل عام 2017، تفرض السلطة إجراءات عقابية على موظفيها في قطاع غزة وآخرين من الضفة الغربية، إضافة إلى قطع رواتب أسرى وشهداء، وأسر مستفيدة من الشؤون الاجتماعية، تحت ذريعة الأزمة المالية الخانقة التي تعصف بها، نتيجة عدم تلقيها أموالا كافية من الدول المانحة.
ويذكر التقرير السنوي للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) خلال عام 2020، أن أجهزة السلطة لا تزال تستحوذ على النصيب الأكبر من الموازنة العامة، مشيراً إلى أهمية معرفة الأهداف التي يحققها الأمن بتلك الموازنة العالية.
وأشار التقرير إلى أن الرتب العسكرية والمعدات والمصاريف التشغيلية لا تزال تنال النصيب الأكبر، فجزء كبير من الرواتب يذهب لكبار الضباط، إذ إن 49.6% من الرتب هي بين ضابط ولواء، و43.4% ضباط صف، وأقل نسبة هي للجنود.
ولم تعد السلطة تحظى بثقة الشارع الفلسطيني، في ظل استمرارها بنهج الفساد ونهب الأموال دون حسيب أو رقيب، خاصة بعد حل المجلس التشريعي، حسبما يقول الناشط الفلسطيني ضد الفساد المالي والإداري في المؤسسات فايز السويطي.
وأضاف السويطي لصحيفة "فلسطين"، أن الفساد في مؤسسات السلطة مستمر منذ 20 عاماً، لافتاً إلى أنها شكّلت لجنة "مكافحة الفساد" لذر الرماد في العيون، لكون تلك اللجنة لم تحرك ساكناً أو تحقق في أي قضية ما.
وبيّن أن هذه اللجنة لم تحاسب أحداً على مدار 11 عاماً، فهي وُجدت لامتصاص غضب الشارع الفلسطيني ومكافأة الفاسدين بدلاً من محاسبتهم، كما قال.
واتهم ما أسماها "مافيات الفساد" باستغلال كل صغيرة وكبيرة لتحقيق مصالحها الشخصية الخاصة، منبّهاً إلى أن 80% من واردات الخزينة التي تذهب لصالح السلطة هي من جيبة المواطن.
وكان مرافق الرئيس الراحل ياسر عرفات محمد الداية قد كشف أول من أمس، أن في جعبته الكثير من ملفات الفساد التي تثبت تورط مسؤولين في السلطة بقضايا فساد مالية كبيرة.
وقال الداية في حديث لجريدة "وطن نيوز" الكويتية: إن كثيرًا من قضايا الفساد تطال مسؤولي السلطة في الضفة الغربية، لا يمكن حصرها.
وتابع: "لو حكيت ما لدي من ملفات، والتي من بينها شركات لمسؤولين في الخارج وتوظيف أبنائهم وزوجاتهم، فإن الكثيرين لن يبقوا في مناصبهم".
وأشار إلى أن من بين قضايا الفساد حجوزات فنادق واعتمادات مالية بملايين الدولارات، والتي لا يمكن الحديث عنها خلال جلسة أو يوم بأكمله، لذلك حورب وسُجن وعُذِّب شخصيا في سجون السلطة، وفق قوله.
وأكد أن أي حديث منه عن هذه الملفات يعني أن كثيرًا من المسؤولين لن يستمروا في مناصبهم، وإن لم يُعزلوا، فإن الشعب سيثور عليهم وعلى فسادهم، وحين لوح بالحديث عنها اعتقلته الأجهزة الأمنية ومارست عليه صنوف العذاب.
وبحسب تقرير أمان، فإن عام 2020، شهد ارتفاعاً في عدد الشكاوى والبلاغات التي استقبلتها هيئة مكافحة الفساد، وقد بلغت 1115 شكوى وبلاغاً، مقارنة بـ 540 بلاغاً عام 2019.
وتوزعت جرائم الفساد، ما بين الواسطة والمحسوبية والكسب غير المشروع والتهاون في أداء واجبات الوظيفة العامة، إضافةً للتزوير والرشوة وإساءة استخدام السلطة والمساس بالمال العام والاختلاس، ناهيك بتضارب المصالح وغسل الأموال.