في التاسع من رمضان عام 222هـ الخامس عشر من أغسطس 837م الأربعاء
تولى المعتصم بالله الخلافة سنة 218 هـ. وعرف عنه صرامته وشجاعته في مواجهة أعدائه الخارجيين عليه أو المتمردين على النظام.
ترك المعتصم بصمة وأثراً واضحاً في الخلافة والدولة، من حيث أنه انشأ بعض المدن وحفر الأنهار، واعتنى بالزراعة والجيش، وتدخل في قضايا الفكر والدين، وكان مثالا للقوة الجسدية والأنفة الملكية.
وقد كان من قواد الجيش قائد متمرد استغل انشغال الخليفة عنه وبُعْدَ دياره في القيام بثورة مسلحة كادت أن تهدد الخلافة نفسها.
هذا القائد اسمه (بابك الخرمي) جمع حوله الناس ، واستمال إليه بعض القواد ، فلما تفرغ له المعتصم وجه إليه أكبر قواده وهو (الأفشين حيدر بن كاوس الأسروشني) وعقد له على جميع ما اجتاز به من الأعمال ، وحمل معه الأموال والخزائن ، وأمره بالتحرك للقضاء على (بابك) فكانت بينهما وقائع عدة ، دلت على حكمة (الأفشين) وحذره إلى أن وصل بزحفه نحو (بابك) إلى مدينة (البذ) عاصمة بابك ومعقله بعد معاناة شديدة من القتال والشتاء
يقول ابن واضح في تاريخه المعروف بتاريخ اليعقوبي (2/474):
ـ فأقام في محاربته حولاً حتى كثرت الثلوج ، ثم زحف إلى (البذ) يوم الخميس لتسع خلون من رمضان سنة 222هـ ، واشتدت الحرب حتى دخل المسلمون مدينة (البذ) وهرب (بابك) وستة من أصحابه، وأُخرج من كان بالبذ من أسارى المسلمين فكانوا سبعة آلاف وستمائة.
ومضى (بابك) هارباً على بغلة وقد لبس ثياب الصوف متنكراً، فكتب الأفشين إلى البطارقة (المختارين والعرفاء) في طلبه ، وضمن لمن جاء به ألف ألف درهم والصفح عن بلادهم. فما أسرع ما وشى ببابك أحدهم ـ واسمه سهل بن سنباط ـ مما سهل على (الأفشين) عملية القبض على (بابك) والرجوع به على المعتصم وهو في سر من رأى (سامراء) ، فتلقاه القواد والناس على مراحل منها ، فدخلها وبابك بين يديه مقيد على فيل حتى دخل على المعتصم ، فأمر بقطع يدي بابك ورجليه ثم قتله وصلبه.