لا شك أن الأسرى الفلسطينيين، أبدعوا طوال 40 يوما متتاليا، بخوضهم إضرابا مفتوحا عن الطعام، دون كلل أو ملل، لكن بات من الواضح، وفق مختصين في قضايا الأسرى، أن ما حدث خارج دائرة الإضراب عبارة عن مؤامرة كبيرة "طعنت" إضرابهم ومطالبهم.
وذهب هؤلاء، خلال حديثهم لصحيفة "فلسطين" لاتهام السلطة بالوقوف وراء هذه التدخلات التي تخللها مناكفات تنظيمية مع عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" الأسير مروان البرغوثي؛ بهدف إضعاف دوره، والالتفاف على مطالب الأسرى المضربين الذين يمثلهم.
تدخلات سياسية
وأكد مدير مركز إعلام الأسرى، عبد الرحمن شديد، أن إضراب الأسرى سادته تدخلات سياسية من خارج الحركة الأسيرة، وذلك في إشارة منه إلى تدخل أجهزة أمن السلطة بقيادة مدير مخابرات السلطة ماجد فرج، ورئيس هيئة الشؤون المدنية برام الله حسين الشيخ بالمفاوضات النهائية للإضراب بالتنسيق المباشر مع جهاز الأمن العام "الشاباك".
وقال شديد لصحيفة "فلسطين": "بات من الواضح أن القيادي الأسير مروان البرغوثي أصبح شخصية مختلف عليها داخل السلطة وحركة فتح"، مشيراً إلى أن رئيس حركة فتح محمود عباس وأذرعه الأمنية، ناكفت البرغوثي، لتصل النهاية إلى التفاف على مطالب الأسرى.
وأكد أن كل ما أذيع عن تحقيق مطالب الأسرى غير دقيق، سوى موضوع الزيارة الثانية والتي ستكون مرة على نفقة الصليب الأحمر والمرة الثانية على نفقة السلطة.
وأوضح أن "جزءا من باقي المطالب الثانوية التي نشرت على أنها مطالب تحققت، معمول بها قبل خوض الإضراب، ولكن أقحمت من قبل السلطة حتى لا تتحمل مسؤولية إفشال الإضراب"، لافتا إلى أن الاحتلال لم يوافق حتى على المطالب الثانوية وإنما هناك وعود من قبل إدارة سجون الاحتلال "والتجربة تشهد على مماطلتهم بهذا الإطار".
وأشار شديد إلى أن السلطة حاولت منع التظاهرات التضامنية طيلة فترة الإضراب ومنعتها من الوصول لنقاط التماس، لوضع العقبات أمام هذا التفاعل، واصفا تفاصيل نهاية الإضراب بـ"المحزنة والمؤسفة، والمخجلة نتيجة النوايا غير السليمة من السلطة تجاه الأسرى".
نتائج ووعودات
من جهته، أفاد رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين، أمجد أبو عصب، أن القضايا الرئيسة التي من أجلها خاض الأسرى الإضراب، لم يتحقق منها أي شيء.
وقال أبو عصب لصحيفة "فلسطين": "إن أهم القضايا التي طالب بها الأسرى المضربون، ولم تتحقق في الاتفاق تضمنت وجود هاتف عمومي داخل كل سجن من أجل تواصل الأسير مع أهله على غرار كافة السجون في العالم، ووقف الاعتقال الإداري، وكذلك وقف العزل الانفرادي".
فيما أن الأسيرة المحررة، ومدير شبكة أنين القيد، بشرى الطويل، اعتبرت أن الاتفاق استهتارا بعقول الناس والمتابعين لقضية الأسرى وعائلاتهم.
وقالت الطويل لصحيفة "فلسطين": "هناك تواطؤ على الأسرى وإضرابهم منذ اللحظة الأولى، في ظل غياب أي مساندة لهم من قبل السلطة"، موضحة أن الأخيرة قامت باستغلال وشراء الوقت لإحباط إضراب الأسرى الأمر الذي نجحت فيه السلطة، وفق قولها.
ورأت أن السلطة لا تريد أي نجاح لـ"مروان البرغوثي"، مشيرة إلى أن السلطة قامت بإشغال الميدان الفلسطيني بأحداث مختلفة لإبعاد الناس عن قضية الأسرى.
واعتبرت أن ما تحقق بموضوع الزيارات والكنتين، إنجازات ثانوية، فيما لم يحدث أي شيء في المطالب الأساسية كوجود هاتف عمومي داخل الأسر.
وكشفت الطويل أن السلطة قامت بإرسال تهديدات لأسرى حركة "فتح" بقطع راتب أي أسير سيشارك مع مروان البرغوثي، الأمر الذي دفع عددا كبيرا منهم لوقف إضرابهم.
بنود الاتفاق
وأفاد المتحدث باسم اللجنة الإعلامية لإضراب الحرية والكرامة، عبد الفتاح دولة، أن المطالب التي تحققت حسب رسالة أولية وصلتهم من مروان البرغوثي، شملت توسيع أرضية ومعايير الاتصال الهاتفي مع الأهل وفق آليات محددة واستمرار الحوار حول هذه المسألة التي ستبقى مطلبا أساسيا للأسرى.
وأضاف دولة لصحيفة "فلسطين": "رفع الحظر الأمني المفروض على المئات من أبناء عائلات الأسرى ووقف إعادة الأهالي عن الحواجز ورفع الحظر غير المبرر عن أكثر من 140 طفلًا لم تسمح إدارة السجون مسبقًا بزيارة آبائهم".
ويتضمن الاتفاق، وفق دولة، إعطاء التزام مبدئي وأولي بتقصير الفترة الزمنية بين زيارات أسرى قطاع غزة كل شهر بدلا من شهرين أو أكثر، وإعطاء موافقة رسمية حول إعادة الزيارة الثانية حسب الآلية المتفق عليها بين السلطة والصليب الأحمر.
وبحسب دولة، فإن الاتفاق ينص على جمع الأسيرات في سجن "هشارون"، وتحسين شروط اعتقالهن، وإدخال متعلقات بالأشغال اليدوية لهن، كذلك تحسين ظروف اعتقال الأطفال وتنقلاتهم، والموافقة على إنشاء زاوية طعام في كل الأقسام الأمنية بشكل لائق، ووضع وسائل للطبخ، وتوزيع وجبات طعام للأسرى في البوسطة خلال تنقلهم والسماح لهم بقضاء حاجتهم
وبشأن التصوير، أوضح أن الاتفاق تضمن إضافة عنصرين وهي الزوجة، وبالنسبة للأشقاء الموافقة بالتصوير في حال وفاة أحد أفراد العائلة الأب أو الأم، كذلك إدخال تعديلات على نظام الكنتينا يتعلق بنوعية الأشياء المتوفرة وأسعارها.
ومن بنود الاتفاق وفق دولة، إدخال أجهزة رياضية حديثة في ساحات الفورة، وحل مشكلة الاكتظاظ في أقسام الأسرى، وحل مشكلة ارتفاع درجة الحرارة عبر وضع نظام للتهوية والتبريد متفق عليه، ونقل الأسرى إلى سجون قريبة من أماكن سكن عائلاتهم.