فلسطين أون لاين

تأخذ أشكالًا متعددةً

تقرير دائرة الانسحابات من حكومة "اشتية" ولجانها تتوسَّع.. السلطة تفقد مصداقيتها

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

تأخذ حالة رفض واستنكار نهج السلطة، وسياسة مواجهة معارضيها التي كان آخرها اغتيال الناشط السياسي المعارض نزار بنات أشكالا متعددة، كان آخرها انسحاب العديد من الجهات من لجان حكومية طالت أيضًا استقالة موظفين، ليعكس النهج الشعبي الرافض للتضييق على حرية التعبير، ما يفقد مؤسسات ولجان السلطة مصداقيتها، ويزيد من حالة عزلتها على المستوى المحلي.

العديد من الموظفين المنتسبين للسلطة برام الله أعلنوا استقالاتهم رفضًا لسياساتها القمعية تجاه حرية الرأي والتعبير، والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ونقابة المحامين انسحبتا من لجنة تحقيق شكلتها الحكومة للتحقيق باغتيال الناشط بنات، لتستمر دائرة الانسحابات من الحكومة ولجانها بالتوسع والتدحرج.

وبررت نقابة المحامين رفضها المشاركة في اللجنة التي شكلتها الحكومة بسبب ما وصفته "عدم حياديتها أو استقلالها"، في حين قال رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، عمار الدويك، إنه ليس عضواً في اللجنة التي شكلتها الحكومة، خلافاً لما أعلنه رئيس الحكومة، وذكر أن الهيئة قد باشرت بشكل مستقل مع مؤسسة الحق في التحقيق في وفاة نزار بنات.

وتقول أوساط قيادية في القيادة المركزية لحزب الشعب الفلسطيني إن لديها "توجها جادا" نحو إعلان انسحابها من الحكومة الفلسطينية برئاسة محمد اشتية، على أثر ملف حقوق الإنسان بشكل عام، وقضيتي اللقاحات وقتل المعارض بنات على يد الأجهزة الأمنية الفلسطينية في مدينة الخليل، فجر الخميس على وجه الخصوص.

تخالف رسالة الشهداء

رئيس لجنة استرداد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال محمد عليان انسحب أيضًا من اللجنة التي يرأسها، والتي شكلت بقرار من مجلس الوزراء برام الله نهاية عام 2019.

ويقول عليان إن انسحابه هو تعبير احتجاجي على اغتيال المعارض بنات، إضافة إلى عجز اللجنة عن فعل أي شيء، إذ لم تستطع استرداد جثمان أي شهيد، ولم تضع خطة للوصول إلى هذا الهدف، وكانت مجرد لجنة "شكلية".

وتضم اللجنة في عضويتها وزير العدل وأعضاء من مؤسسات حقوق الإنسان ودوائر رسمية مختصة بالأسرى والشهداء منبثقة عن المجلس.

ويتساءل عليان في حديثه لصحيفة "فلسطين" بغضبٍ: "كيف يستوي أن يكون والد شهيد بلجنة حكومية في وقت تنتهك فيه الحكومة الحريات العامة وتمارس نوعًا من الاستبداد ضد الشعب، وقد يسقط هناك شهداء نتيجة هذا الاستبداد".

ويضيف: "رسالة الشهداء تختلف عن توجهات الحكومة التي تنتهك هذه الرسالة، لذلك قررت الانسحاب والعمل من أجل استعادة الجثامين دون صلة بأي لجنة حكومية، وكوسيلة للاستنكار والاحتجاج على سلوكها بشأن المعارضين السياسيين، خاصة أن الشهداء عندما يرتقون من أجل الوطن يدعون إلى صيانة الحريات".

حالة الرفض المجتمعي من وجهة نظر مدير مركز "يبوس" للدراسات سليمان بشارات، نابعة من هوية المواطن الفلسطيني وثقافته المتأصلة من التجارب والمواقف التي عاشها تحت الاحتلال، ورفضه عمليات قمع حرية التعبير وملاحقة وتهديد وممارسة القتل بحق المعارضين كما جرى مع الشهيد نزار.

غياب الثقة

ويعتقد بشارات في حديثه لـ"فلسطين" أن ذلك يؤسس لقضية مهمة متراكمة بإدراك المواطنين ونقابة المحامين والهيئة المستقلة وبعض المؤسسات الأخرى أنه لا يوجد سعي حقيقي لمعالجة الإشكالات القائمة، بل تعمل السلطة على امتصاص الغضب، وهذا ترك قناعة لدى الجميع بأن الاستمرار في التوجه ذاته سيقود لمزيد من الانحدار".

واستدرك بالقول: "ربما هناك فئات معينة مستفيدة من وجود حالة الإرباك، بالتالي يدرك الجميع من مؤسسات ونقابات أن الاستمرار بالتغطية على هذه الفئة قد يجر الحالة الفلسطينية إلى دوامة من العنف والتصادم وتأزيم الواقع الفلسطيني في ظل حالة مواجهة وعدم تحرر من الاحتلال".

ووفق بشارات، فإن رفض العديد من الجهات الدخول في لجان حكومية، ورفضها استمرار نهج عدم محاسبة المقصرين والمذنبين، يدلل على غياب الثقة بالسلطة التنفيذية وعدم امتلاكها جدية حقيقية لمحاسبة المخطئين.

ومضى إلى القول: "يدرك الجميع أن الوطن سيكون الخاسر الأكبر مع استمرار السلطة ومؤسساتها وأجهزتها الأمنية في السياسات القمعية ذاتها".

ويرى أن التحركات إن توسعت بشكل أفقي ستكون لها وسائل ضغط أكبر، عدا عن ذلك فإن هذه المؤسسات كالهيئة المستقلة ونقابة المحامين تعد مصدرا للمعلومة لدى مؤسسات المجتمع الدولي، ما يشكل ضغطا على السلطة لإعادة تعديل وتغيير سلوكها أو شخوص ومسميات، وقد تصل الضغوط لتغييرات سياسية على الأرض وإلا ستفقد الكثير من الدعم الغربي والأوروبي.