في الثاني من شهر رمضان سنة 588 هجرية الموافق 1192 ميلادي عقد صلح الرملة بين السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، وريتشارد قلب الأسد ملك انجلترا بعد فشل حملة الملك ريتشارد في احتلال القدس.
في عقب انتصار صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين في يوليو1187م واستعادة المسلمين لبيت المقدس ثار الغرب الأوروبي، وبدأت ترتفع صيحات عاتية في أوربا تنادي باستعادة بيت المقدس، وأسفر هذا التحرك عن تجهيز حملة كبيرة تداعت لها أوروبا، واشترك في إعدادها ثلاثة من كبار ملوك أوروبا، وأبحر ريتشارد بأسطوله قاصدا عكا فوصلها في 8 من يونيو 1191م، وقوَّى من عزيمتهم وصول قوات فيليب أوغسطس، حيث جمع شمل الصليبيين تحت زعامته، وبدأ في مهاجمة عكا وأظهرت الحامية الإسلامية شجاعة في مقاومة الحصار ودفع هجمات الصليبيين من البر والبحر، ولكن ومع قسوة الحصار لم يعد هناك مفر من المفاوضات لتسليم المدينة، واتفق الطرفان على أن يسمح الصليبيون لحامية عكا بالخروج سالمين في مقابل فدية قدرها 200 ألف دينار، وأن يحرر المسلمون 2500 من الأسرى.
وبعد دخول الصليبيين عكا في يوليو 1191م تجاهل ريتشارد قلب الأسد بنود الاتفاق، ونقض ما اتفق عليه؛ فقبض على المسلمين بالمدينة وكانوا نحو 3 آلاف مسلم، وقام بقتلهم في وحشية وهمجية طعنًا وضربًا بالسيف، ولم يقابل صلاح الدين الأيوبي هذا الفعلة الشنعاء بمثلها، ورفض أن يقتل من كان في يده من أسرى الصليبيين.
اتجه ريتشارد إلى بيت المقدس، ولكن محاولاته للاستيلاء على بيت المقدس باءت بالفشل أمام صلابة المسلمين في الدفاع عنها، وتقوية صلاح الدين الأيوبي لاستحكاماتها، ثم لم يلبث أن دب الخلاف واشتعل النزاع بين الصليبيين، وانتهى بهم الحال إلى طلب الصلح والمفاوضة، وساعد في المسارعة إلى ذلك ورود أنباء إلى ريتشارد باستيلاء أخيه يوحنا على الحكم؛ فعزم على إجراء الصلح قبل العودة إلى بلاده.
وبعد مفاوضات شاقة عقد الصلح بين ريتشارد وصلاح الدين. ونص الصلح على:
أن يسود السلام بين الفريقين ثلاث سنوات وثلاثة أشهر.
أن يكون للصليبيين المنطقة الساحلية من صور إلى يافا، بما فيها قيسارية وحيفا وارسوف، وتبقى صيدا وبيروت وجبيل للمسلمين.
تكون عسقلان مدينة غير مسلحة في أيدي المسلمين.
تكون اللد والرملة مناصفة بين المسلمين والصليبيين.
تبقى القدس في أيدي المسلمين على أن يكون للمسيحيين حرية الحج إلى بيت المقدس دون مطالبتهم بأية ضريبة.
وأعلن صلاح الدين أن الصلح قد انتظم، فمن شاء من بلادهم أن يدخل بلادنا فليفعل ومن شاء من بلادنا أن يدخل بلادهم فليفعل.