باكستان دولة إسلامية يمثل المسلمون ما نسبته 97% من سكانها، وكعادة الشعوب الإسلامية جميعًا يحتفي الباكستانيون بقدوم الشهر الكريم بمظاهر خاصة، لا يُرى أكثرها في بقية دول العام.
فما إن يثبت ولادة هلال رمضان حتى تبدأ الاحتفالات بتزيين الشوارع والساحات والشوارع وشرفات البيوت بالمصابيح الخاصة برمضان، وينطلق الباكستانيون لأداء صلاة التراويح بعد إعلان بدء شهر الصيام، ويحافظون عليها طوال الشهر الكريم، ويزداد نشاطهم في العشرة الأواخر، خاصة الليالي الفردية منها، وبعد صلاة المغرب تُقدِم المساجد وجبات الإفطار لمن يرغب في تناول الإفطار فيها، ويُقرأ القرآن عبر مكبرات صوت المساجد من بعد صلاة التراويح حتى اقتراب أذان الفجر.
في نهار رمضان تغلق المطاعم أبوابها، ولا تفتح إلا قبل أذان المغرب بساعتين، وتقلل الجهات الرسمية من ساعات العمل، فيعود الناس إلى بيوتهم باكرًا، ليرتاحوا ويتفرغوا للعبادة، وعندما يقترب أذان المغرب يتبادل الجيران أطباق الطعام التي تحوي جزءًا من طعام إفطار الأسرة وبضع حبات من التمر يحملها الأطفال، وفي اليوم التالي يعاد الصحن إلى صاحبه يحوي طعامًا آخر. وتحرص كل أسرة على إرسال شيء من طعامها إلى المسجد القريب، للحصول على ثواب تقديم الطعام للصائمين، وتحرص كل أسرة أيضًا على ضيافة الأهل والأقارب والأصدقاء، لتوثيق أواصر المحبة والألفة.
يكاد يكون لكل حي في الباكستان مسحراتي خاص به، يوقظ الناس للسحور والصلاة، ويقدم الناس عادة طعام السحور للمسحراتي، ويحترمونه ويعترفون بفضله ويكرمونه بما يستطيعون من ملابس و"عيدية"، وما إن يستيقظ الباكستانيون حتى يعمدوا إلى تناول سحورهم الذي يختلف من منطقة إلى أخرى، حسب الوضع الاقتصادي لأهل المنطقة، ويكون في بعض المناطق الفقيرة مجرد قطعة خبز مع كوب من الشاي، وكلما ارتفع المستوى الاقتصادي تحسنت نوعية وعدد أصناف الطعام المقدمة، ثم ينطلقون إلى صلاة الفجر في المساجد، ووجبة السحور في الباكستان هي الوجبة الرئيسة.
يشجع الباكستانيون أطفالهم على الصيام في سن مبكرة، فتحتفل الأسرة بالطفل الذي يصوم أول مرة، وذلك بإلباسه ملابس خاصة كالتي يرتديها العروس في يوم عرسه، ويوضع على رأسه غطاء رأس ذهبي اللون، وتُحضر الأسرة مائدة طعام من الأكلات التي يفضلها الطفل وتدعو الأحباب إليها، تكريمًا له على ما بذله من جهد، وغرسًا لحب الصيام والعبادات في نفسه حتى يشب متمسكًا بدينه، ويُمنع منعًا باتًّا المجاهرة بالإفطار في شهر رمضان، ومن يفعل ذلك توقع به عقوبة تصل إلى السجن، والجلد على مرأى من الناس.
ومن المظاهر الغريبة في بعض المدن الباكستانية لعبة البيض المسلوق التي يلعبها الفتية في الساحات الكبيرة في شهر رمضان، إذ يحيون سهراتهم بهذه اللعبة حتى موعد السحور. وهي لعبة قديمة من التراث الباكستاني، تنتعش في ليالي رمضان، وفيها تسلق كمية من البيض ست بيضات أو أي عدد آخر من مضاعفات الــ 6، ويُلون البيض بألوان زاهية، يضرب كل فتى من اللاعبين بيضة خصمه بطريقة ما، حتى يكسر بيضة الخصم ويُبقي بيضته سليمة، وبعد انتهاء اللعبة يدفع الخصم الخاسر ثمن البيض عادة.
في الباكستان لا تخرج النساء إلى المساجد نهائيًّا، بل يكتفين بالصلاة في بيوتهن، وتحرص النساء جميعًا حتى السافرات منهن على ارتداء الملابس المحتشمة خلال رمضان.