في الأول من رمضان سنة 1425هـ (2004م) قوات الاحتلال تواصل عمليتها العسكرية في شمال قطاع غزة، التي أطلقت عليها عملية "أيام الندم"، فكانت المواجهة من قبل المقاومة الفلسطينية بمعركة أيام الغضب.
لم يكن اسم العملية اسمًا عابرًا؛ فحمل نوعًا من الحرب النفسية لإرهاب المقاومة والفلسطينيين الذين التفوا حولها.
تقدمت أكثر من مائة دبابة (ميركافا) تحت غطاء من طائرات (أباتشي) وطائرات الاستطلاع، من جهة الإدارة المدنية وجبل الريس شرقًا، وتلة قليبو شمالًا، والمناطق الغربية لبيت حانون والشرقية لمدينة بيت لاهيا، لـ"وقف خطر صواريخ القسام التي استباحت بلدة (سديروت) الإسرائيلية"، حسبما زعم الاحتلال.
استمرت المواجهة سبعة عشر يومًا، انتشرت خلالها رائحة القتل والتخريب والدمار، فاختلطت أشلاء مئات الشهداء والجرحى بتراب أرض المخيم.
وارتكبت قوات الاحتلال مجازر بشعة بحق المدنيين، بعد أن شعرت بفشل عمليتها العسكرية، عمليات قتل ممنهجة، وأفرطت قوات الاحتلال باستخدام القوة المميتة بحق المدنيين العزل، ما أوقع مئات الشهداء والجرحى في صفوفهم، ووثقت مراكز ومؤسسات حقوق الإنسان جرائم الاحتلال لمطاردته في المحافل والمحاكم الدولية.
لم يثن القتل والتدمير المقاومة الفلسطينية عن التصدي للهجمة الصهيونية، فاستطاعت أن تكبد الاحتلال خسائر فادحة، ومرغت أنف جنوده بتراب مخيم جباليا، بعد أن استطاعت صد العملية العسكرية وإفشالها.
ولم يتوقع أرئيل شارون أن تصطدم حملته بتكاتف وصمود كبيرين من الفلسطينيين، فمخيم جباليا بؤرة الاستهداف الإسرائيلي جسد أعظم التفاف شعبي حول رجال المقاومة، في حين شهدت العملية تجاهلًا منقطع النظير من الدول العربية والإسلامية، سوى بعض ردود الفعل المستنكرة للعملية على استحياء، ومطالبة المجتمع الدولي بوقفها.
أما عن ردود الأفعال الدولية فقد صدر تصريح أميركي على لسان المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان، مفاده أن للكيان العبري الحق في الدفاع عن نفسه، ودعا نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية آدم إريلي الحكومة الإسرائيلية إلى "استخدام القوة المناسبة فقط لمواجهة التهديد الفلسطيني".