انشغلت الأوساط الإسرائيلية بما حصل من توترات أمنية في الأيام الأخيرة في القدس المحتلة، وتبعاتها في قطاع غزة، حيث طرحت العديد من القوى السياسية الإسرائيلية جملة من البدائل لكيفية الرد على أي إطلاق نار من قطاع غزة، وجاء لافتا أن معظم الحلول تراوحت بين "الاحتلال الكامل" لقطاع غزة و"رفع الحصار عنه".
وفي ضوء العدوان الإسرائيلي على غزة، وإطلاق المقاومة صواريخها ردا عليه، في الليالي الأخيرة، تم طرح استفتاء على مختلف الأطراف الإسرائيلية عن الحل الذي تفضله للهجمات من قطاع غزة.
أحد التصورات الإسرائيلية التي يتبناها معسكر اليمين رأى أن المعادلة ضد قطاع غزة تتطلب التخلي عما وصفتها سياسة "التراخي" مقابل انتهاج سياسة "التصميم"، بزعم أن معالجة التوترات الأمنية من قطاع غزة تتطلب خلق مزيد من الضغوط على حماس لتغيير المعادلة الموجودة اليوم، لأن إطلاق النار ووقفه بات بناء على موقف حماس وتصورها فقط، وهذه الضغوط تتزامن جنبًا إلى جنب مع تغيير السلوك اليومي، واتباع خطة عمل لإحلال الهدوء في المستوطنات الجنوبية.
تصور إسرائيلي آخر عدَّ أن الحرب ضد المنظمات الفلسطينية تتطلب من (إسرائيل) أن تبادر، وألا تستدرج، وفي غزة أن تقود خطوة مزدوجة تتمثل برد قوي على ما تتعرض له الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه التحرك مع الفاعلين الإقليميين والدوليين بزعم تقديمهم حياة أفضل لغزة، وهذا لن يحدث إلا بسياسة مبادرة على المستويات: العسكري، والسياسي، والاقتصادي، كل ذراع منها يكمل الآخر.
ظهر لافتا موقف يتبناه فريق إسرائيلي أن حل الوضع الأمني في قطاع غزة يقوم على جملة من المبادئ التالية أهمها احتلاله الكامل، وتجديد مسئولية (إسرائيل) عما يجري هناك، على أمل إعادة الهدوء لمستوطنيها، لأن الدوافع التي وقفت وراء كل ما يحدث في غزة تعود لعقود سابقة، الأمر الذي يعني الاستمرار بتأجيج الدوافع نفسها لتنفيذ الهجمات نفسها.
تزعم الرؤى الإسرائيلية أن الوضع في قطاع غزة يتطلب توظيف إمكاناته الاقتصادية، بحيث يتم ذلك عن طريق تخفيف معاناته، وإعادة تأهيل لاجئيه في الدول العربية أو أوروبا، وبالتالي الشروع في تشجيع الهجرة، وبدء حياة جديدة في الخارج، وإعادة إنشاء المستوطنات في غزة، وجنبًا إلى جنب فتح سوق العمل في (إسرائيل) أمام سكان غزة.
لا يضيع الإسرائيليون عند حديثهم عن مستقبل العلاقة مع غزة فرصة توجيه النقد إلى حكومة نتنياهو بزعم أنها "تخلت" عن مستوطني غلاف غزة، وبدلا من التعامل بشكل إستراتيجي ومسؤول وجدي مع التهديد القادم من غزة، وحمايتهم من حماس، فإنه يتجاهل المشكلة، والنتيجة تبدد صورة الردع في قطاع غزة، والبديل من وجهة نظرهم هو تعزيز الجهوزية في الجبهة الداخلية، وترميم الردع الإسرائيلي ضد حماس الآخذ في التآكل.