تسبب نقص السيولة النقدية، ومحدودية التسهيلات المصرفية في ضعف حركة سوق العقارات في قطاع غزة، وعلى الرغم من العروض المخفضة فإن الاقبال عليها شحيح.
حيث يواجه المستثمر عبد الله سلامة صعوبة في بيع وحدات سكنية أنشأها لغرض الاستثمار قبل عدة سنوات تقدر قيمتها بربع مليون دولار.
وعزا سلامة الأسباب في حديثه لصحيفة "فلسطين" إلى نقص السيولة النقدية، ورغبة المشتري في دفع أسعار أقل من تكلفة البناء.
كما وجد سلامة نفسه في أزمة مالية حينما تصاعد عدد الشيكات المرجعة التي يتسلمها من مشترين لشقق سابقة اتفق معهم على تسديد أثمانها بالأقساط، وهو ما عرَّضه للملاحقة القضائية.
وأوضح سلامة "أن تردي الوضع الاقتصادي في قطاع غزة، من جراء استمرار الحصار، وتذبذب صرف رواتب الموظفين، وتداعيات جائحة كورونا جميعها ألقت بثقلها بقوة على حركة سوق العقارات.
وبين سلامة أن تكلفة بناء شقة (100) متر يتراوح سعرها من (25-28) ألف دولار حسب الطابق والاتجاه، غير أن المشتري يطلب سعرا من (18-19) ألف دولار، مبيناً أن البيع بهذا السعر للمشتري خسارة للمستثمر.
ولفت سلامة إلى أن المشتري بسبب نقص السيولة يقدم من (5-10) آلاف دولار دفعة أولى لشراء الشقة، ويطلب من البائع تقسيط المبلغ، وأن البعض يتجاوب معه والبعض الآخر يرفض.
من جهته قال المستثمر خالد عبد الهادي، إن أسعار بيع الأراضي أيضاً انخفض بشكل عام مقارنة بالفترة السابقة، بيد أن بعض العقارات ما تزال تحافظ على سعرها، التي تأخذ مواقع استراتيجية قريبة من الخدمات والطرق العامة.
وبين عبد الهادي لصحيفة "فلسطين" أن بعض المستثمرين يتفقون مع صاحب أرض على البناء عليها مقابل حصول صاحب الأرض على شقق سكنية، كوسيلة للتعاون المشترك.
وقدر عبد الله قيمة أمواله المستثمرة في عقارات بنحو 300 ألف دولار.
ونبه عبد الهادي إلى أن قطاع غزة شهد في الفترة السابقة ازدهارا في المشاريع الإنشائية الاستثمارية، حيث كان المستثمر يوجه هدفه نحو طبقة الموظفين، لكن بعد عام 2017 وما تبعها من عقوبات السلطة الاقتصادية تأثرت عملية البيع.
كما لفت عبد الهادي إلى أن البنوك قلصت تمويل شراء العقارات التي كانت تتخطى 10 سنوات.
وتقيد وزارة الأشغال العامة والإسكان في سجلاتها نحو (50) ألف وحدة سكنية تخص الفقراء والمعوزين بحاجة إلى ترميم عاجل.
من جهته قال أمين سر اتحاد الصناعات الإنشائية محمد العصار إن قطاع الإنشاءات يعاني بشدة، منذ سنوات، وأن المعاناة اشتدت في السنوات الثلاث الماضية، مبيناً أن جائحة كورونا وترقب الناس للانتخابات تسببا في عزوف الكثير عن البناء والتعمير.
ولفت العصار لصحيفة "فلسطين" إلى أن بعض المستثمرين الذين لديهم سيولة نقدية استغلوا رخص أسعار المواد الإنشائية وباشروا في تنفيذ مشاريع إنشائية على أمل بيعها إن تحسن الوضع الاقتصادي بغزة.
وأشار إلى أن سعر طن الإسمنت اليوم (380) شيقلا، في حين أن طن الحديد مرتفع بسبب الأسعار عالمياً ويقدر بــ (3600) شيقل.
وأكد العصار ضرورة أن توجه المؤسسات الدولية تمويلها لإعادة إعمار قطاع غزة، فذلك يحدث حركة نشطة في البناء والتعمير.
وأشار إلى أن الطاقة الإنتاجية للشركات والمصانع العاملة في الصناعات الإنشائية بالكاد تصل إلى (10%).
وقدر العصار حجم الخسائر التي تعرض لها قطاع الصناعات الإنشائية خلال الفترة الماضية بسبب جائحة كورونا وما ترتب عليها من إغلاقات ووقف الأنشطة بأكثر من 27 مليون دولار، وهي خسائر مباشرة وغير مباشرة، مشيرًا إلى أنها مرشحة للزيادة.
وأشار إلى أهمية قطاع الصناعات الإنشائية، إذ يعد الأكبر من حيث عدد المنشآت الصناعية بسبب تعدد وتنوع قطاعاته الإنتاجية، إضافة إلى أن حجم رأس المال العامل والثابت يقترب من 120 مليون دولار.
تجدر الإشارة إلى تهافت أصحاب رؤوس الأموال والمستثمرين عقب حرب 2014، إلى إنشاء مشاريع إسكانية في قطاع غزة، وشيدوا عمارات وأبراجًا سكنية، على أمل تسويق مشاريعهم، إلا أنه بعد عام 2017 تعرضت تلك المشاريع لانتكاسة.