تراجعت الحركة الشرائية في أسواق قطاع غزة بعد أسبوع حافل من الإقبال على شراء المنتجات الرمضانية، بسبب استمرار تداعيات فيروس "كورونا"، ونقص السيولة النقدية المترتبة على عقوبات السلطة الاقتصادية والحصار.
ويقول التاجر هاشم الشوا (60 عامًا)، الذي يعمل في بيع اللحوم: إن الحركة الشرائية تتراجع يومًا بعد الآخر مقارنة بأول أيام شهر رمضان.
ويؤكد الشوا لصحيفة "فلسطين" أن الأسواق تشهد إقبالًا أكبر في الآونة التي تلي صرف الرواتب، ثم تعاود إلى الانخفاض لتستقر لنحو خمسة أيام متباعدة خلال شهر واحد.
انتشار المولات
ويذكر الشوا أن محله القائم من (100) عام في سوق الزاوية وسط مدينة غزة أصبح الإقبال عليه بنسبة (50%) مقارنة بالأعوام السابقة بسبب انتشار المولات التجارية في محافظات قطاع غزة، عادًّا أنها أثرت سلبًا في حركة الأسواق الشعبية وباتت مقصدًا للمتسوقين.
وإزاء ذلك اضطر نجله باسل (37 عامًا) المتزوج والحاصل على شهادة جامعية إلى العمل بمعية والده بعد أن سئم انتظار الحصول على وظيفة.
ويتفق التاجر مجدي المصري صاحب مطحنة للتوابل والبهارات مع سابقه في حالة التردي التي وصلت إليها الدورة الاقتصادية في القطاع، وغياب السيولة النقدية، وتراكم النفقات المستحقة على التجار نتيجة ضعف الحركة الشرائية.
ويوضح المصري لـ"فلسطين" أن فيروس كورونا أثر كثيرًا في الحركة الشرائية في قطاع غزة، وخاصة بعد تشديد الإجراءات الوقائية التي اتخذتها وزارة الداخلية والتي تشمل جميع القطاعات والمنشآت ومنها إغلاق الأسواق الشعبية.
ويذكر الخمسيني أنه بحكم عقوبات السلطة المفروضة على القطاع من قطع رواتب وتذبذب صرفها وحصار إسرائيلي وآخرها فيروس كورونا أثرت جميعها مجتمعةً على الكثير من المنتجات في الأسواق.
وأشار المصري إلى أن مطحنته تحمل عبق الماضي، إذ ورثها من أجداده، منبهًا إلى أنها أنشأت في مدينة يافا عام 1936، وعندما حدثت مذبحة دير ياسين في 1948 نقلتها عائلته إلى قطاع غزة.
ونتيجة إلى قلة البيع داخل المطحنة اضطر المصري إلى الاستعاضة بأبنائه عن العاملين لديه لعجزه عن تأمين للعمال أجرهم اليومي، مشيرًا إلى أنه يعيل أبناء جامعيين يحتاجون إلى نفقات دراسية عالية.
"من الصبح ما بعت غير بـ17 شيقل"، هي كلمات قالها يوسف كحيل (30) عامًا صاحب محل الخضراوات حين سؤاله عن تقييم الحركة الشرائية.
وذكر كحيل الذي يعيل أسرة مكونة من 4 أطفال أن الحركة الشرائية في الأيام الأولى من رمضان أفضل مقارنة بالأيام السابقة.
وأشار كحيل إلى أن المحل الموجود في سوق الزاوية منذ (25) عامًا ورثه عن والده، لم يشهد أوقاتًا اقتصادية صعبة مثل هذه الأيام، وذكر أنه يدفع إيجار محل مبلغ (1800) دينار سنويًّا مما يزيد عبئًا عليه.
تراجع طبيعي
وقال الخبير الاقتصادي د. معين رجب، إنه من الطبيعي أن يكون إقبال على الأسواق في بداية شهر رمضان أو قبل أسبوع، لأن أصحاب المحلات والتجار يحرصون على توفير السلع قبل أسابيع من رمضان أو بداية الشهر.
وتابع رجب لصحيفة "فلسطين": "المستهلك يبدأ في شراء احتياجات رمضان قبل بداية الشهر أو أول أيام الشهر فيتأهب ويجهز نفسه ويبدأ بالشراء حسب أصناف السلع فهو قد يكون قد تشبع خلال الأسبوع الأول بالاحتياجات التي يتطلع إليها أو يفضلها ومع مرور الوقت يكون التشبع قد وصل إلى ذروته فتصبح الأمور أقرب ما تكون إلى الاستقرار أو التراجع فشراء التمر وأحبال الزينة والفوانيس وغيرها يكون في بداية الشهر".
وأكد رجب أن فيروس كورونا أثر في مجمل الحياة على المستوى العالمي وبما فيها فلسطين، فالفيروس كان له تأثير سلبي عام وخصوصًا الحظر على جميع النواحي فكل هذا يؤثر في حركة النشاط الاقتصادي، فالمؤسسات لا تعمل بكل طاقتها وساعات العمل محدودة وأيام العمل لا تتم بالكامل خلال الأسبوع.
وذكر رجب أن الاهتمام بكورونا أو الوقاية منها أصبح جزءًا له الأولوية باعتباره حماية للنفس وهو مطلب أساسي، ولكن هذا أثر سلبًا في حركة النشاط الاقتصادي وعلى السيولة النقدية لدى طبقة العمال.
وأوضح أن التجار ينظرون إلى هذا الشهر على أنه موسم يشتد فيه الطلب على سلع عديدة، فبالتالي تزداد الحركة في الأسواق وبالتالي يتحقق ربح وفير ينتظرونه على مدار العام.
وبين أن هناك بعض الأصناف يزداد الطلب عليها في شهر رمضان مثل الحلويات وخاصة القطايف والتمور والحمص والمشروبات كالخروب والخضراوات كالجرجير والبصل الأخضر وغيرها من السلع.