أعاد الهجوم الإسرائيلي على منشأة نطنز النووية الإيرانية إلى الأذهان العديد من الهجمات الإسرائيلية على مفاعلات ومنشآت نووية عربية وإسلامية خلال العقود الماضية، في جهد إسرائيلي لا تخطئه العين لحرمان أي دولة عربية أو إسلامية دخولَ النادي النووي، وبقائها هي وحدها في حالة احتكار حصري لهذا السلاح في المنطقة.
وتعد (إسرائيل) أي مشروع نووي عربي أو إسلامي، وإن كان لأغراض سلمية، مصدر خطر يهدد وجودها، لذلك يحفل تاريخها بعمليات هجومية لتدمير وتعطيل هذه المشاريع، وترى أجهزتها الأمنية والاستخبارية أن تكنولوجيا السلاح النووي انتشرت في بعض دول الشرق الأوسط، والخليج العربي وجنوب آسيا، انتشارًا واسعًا ومتسارعًا، وبات يشكل تهديدا حقيقيا لوجودها، ولذلك فهي تسعى بجهودها الذاتية وعلاقاتها مع الدول العظمى لحرمان هذه الدول العربية والإسلامية هذه القدرات النووية، كي تبقى محتفظة وحدها بهذه الإمكانات.
وتبدي (إسرائيل) حذرها من وجود تطلعات عربية وإسلامية لمحاكاة مختلف الدول النووية، وحيازة هذا السلاح، ولا سيما مع وجود العديد من دول العالم التي تمتلكه، باستثناء العرب والمسلمين الذين يفتقرون لهذه القدرات، ويكمن القلق الإسرائيلي في تغير هذا الوضع.
ولا تخفي (إسرائيل) خشيتها من أن تنشأ في المنطقة العربية والإسلامية حالة من التنافس الإقليمي للحصول على السلاح النووي، بحيث تخرج دول في المنطقة تطالب بالحصول على حقها في حيازة سلاح نووي بعد إيران والسعودية، كالأردن ومصر وتركيا.
نفذت (إسرائيل) العديد من الهجمات ضد المشاريع النووية العربية والإسلامية، رغبة بالقضاء المبكر على أي جهود ومحاولات معادية لها لمنافستها في حيازة هذا السلاح الردعي، وآخرها الهجوم على منشأة نطنز الإيرانية قبل أيام.
قد لا يكون مفاجئا أن تبادر (إسرائيل) إلى القضاء على كل جهد عربي أو إسلامي للحصول على السلاح النووي من خلال استهداف العقول المدبرة له، كما حصل في اغتيال جهاز الموساد عالم الذرة المصري يحيى المَشَدّ في باريس عام 1980، وهو أحد رواد برنامج العراق النووي.
وبعد الاحتلال الأمريكي للعراق في 2003، واستباحته من قبل أجهزة الاستخبارات العالمية، تواترت التقارير التي تحدثت عن اغتيال الموساد -بالتواطؤ مع عناصر محلية- عشرات العلماء العراقيين في تخصصات الذرّة والبيولوجيا، ممن انخرطوا مبكرا في المشاريع التسليحية لبلادهم، خاصة السلاح النووي.
ومنذ أن بدأ الاستهداف الإسرائيلي للمشروع النووي الإيراني، ركزت عمليات الموساد على اغتيال العشرات من العلماء النوويين في قلب طهران، عبر تفجير سيارات مفخخة، ووضع عبوات ناسفة في منازلهم، وإطلاق النار عليهم، لكن اللافت أنه مقابل الانتقادات التي توجهها (إسرائيل) ضد أي محاولة عربية أو إسلامية لإنشاء مشاريع نووية، سلمية أم عسكرية، فإنها تواصل العمل بسياسة "الغموض النووي".