ثقافة العمل الموحد تكاد تكون معدومة في الفصائل والأحزاب الفلسطينية. لماذا تغيب هذه الثقافة عن فلسطين، وهي البيئة الأحوج لها عالميًّا؟ هل الأمر يرجع لقادة الأحزاب أنفسهم، أم يرجع إلى برامج الأحزب؟ هل هي صراعات على منصب القيادة، أم صراعات على وطن ممزق؟
اليسار الفلسطيني (شعبية وديمقراطية وحزب شعب ومبادرة) كلهم فشلوا في تكوين قائمة مشتركة تعبر عنهم وعن برامجهم، رغم علمهم جميعا أن مصالح اليسار في تشكيل قائمة واحدة. كل منهم يدعي الديمقراطية وينسب نفسه إليها، ولكن النتيجة هي تنازعٌ يقول إن جميعهم بعيد عن روح الديمقراطية.
فتح التيار الإصلاحي وفتح عباس المركزية وفتح ناصر القدوة فشلوا أيضا في الالتقاء في قائمة مشتركة، وكل طرف منهم يدعي وصلا بفتح الأصل ١٩٦٥م. التيار الإصلاحي يقول نحن أول من دعونا لقائمة موحدة، ولكن عباس لم يستحب لدعوتن. لماذا لا يلتقون وهم من أصل واحد، وعرفات يظللهم؟ هل لأن كرسي المصالح لا يسع غير قائد واحد؟ إذا كان كرسي المصالح ضيق لهذه الدرجة، فكرسي الوطن واسع جدا، ولا يضيق على أحد، وخدمة الوطن تحتاج إلى اجتماع ولا تحتاج إلى تفرق.
حماس ما زالت حتى الآن تجري للسباق في قائمة واحدة، قد يكون هناك أصوات منتقدة ولكن في النهاية ثمة قائمة واحدة تمثلها. وهذه علامة جيدة على تماسك الحركة، ولكنها تعاني غضب دولة الاحتلال والقيادات الغربية، ومناكفات عربية ليست في مكانها ولا مبرر لها. هي عرضت تشكيل قائمة وطنية مشتركة مع الجميع، ولكن الطرف الآخر أغلق أذنيه عن هذه الدعوة.
في جميع الأحوال يمكن القول إن الأحزاب والفصائل في حاجة إلى ثقافة العمل المشترك، والأخذ بمبدأ العمل فيما نتفق عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما نختلف فيه. هذا وجُلّ القيادات في حاجة إلى تمرين رياضي يجمع الكل على مفهوم كلنا رئيس، وكلنا وزير، وكلنا كادر وجندي، والوطن يحتاج إلينا كلنا، والعبرة ليست في اسم المنصب، وإنما العبرة في ماذا أعطيت أو يمكن أن تعطي للوطن من خلال المنصب.