أجمعت شخصيات سياسية ووطنية على أن مؤسس حركة حماس الشيخ الشهيد أحمد ياسين شكَّل شخصية وحدوية جامعة ومتمسكة بحب الوطن وتحريره كاملًا، داعية إلى الحفاظ على إرثه وتخليد ذكراه لدى الأجيال المتعاقبة.
جاء ذلك خلال الحفل السنوي الثالث الذي نظمته مؤسسة الشيخ أحمد ياسين الدولية، أمس، إحياءً لذكرى رحيله السابعة عشرة، ولتكريم الفائزين في الموسم الثالث من مسابقاتها المُعلنة سابقًا.
ويحيي الفلسطينيون الذكرى السنوية لاستشهاد مؤسس حركة حماس الذي اغتالته طائرات الاحتلال الإسرائيلي في 22 مارس/آذار 2004 بعدة صواريخ عندما كان عائدًا من أداء صلاة الفجر في مسجد قريب من منزله في حي الصبرة.
قدوة وطنية
وقال رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس خالد مشعل: إن الشيخ ياسين جسّد علمًا كبيرًا لكثير من القيم والخصائص الحميدة، مثل: الجهاد، والدعوة، والصبر، والسعي الدؤوب لتحقيق الوحدة الوطنية.
وعدّ مشعل، خلال كلمته عبر الفيديو، الشيخ ياسين مثالًا للدعوة والالتزام في قطاع غزة وربوع فلسطين، حيث سار فيها طولًا وعرضًا ليحيي القلوب خاصة بعد الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية عام 1967.
وبيَّن أن روح الجهاد كانت عميقة في قلب الياسين، فجدد مسيرة الشهيد عز الدين القسام لتنطلق المقاومة في فلسطين، والتي لاقى بسببها الكثير من الأذى والسجن ومحاولة الإبعاد.
وأضاف: "كم كنت سعيدًا وقت أن ارتبطت بعض محطات حياتي مع الشيخ ياسين، وأن تكون محاولة اغتيالي من قوات الاحتلال سببًا في الإفراج عنه، ثم صحبته الطيبة في المستشفى بعد ذلك".
وأثنى مشعل على جهود القائمين على مؤسسة الشيخ ياسين الذين يحيون الذكرى السابعة عشرة لتذكير الأجيال القادمة بهذه القامة التي يُستمد منها العزم والقوة والصبر، وسعيه لمصلحة شعبه وقضيته وروحه الوحدوية لكل العاملين على أرض فلسطين.
وجدد التمسك بروح الجهاد والمقاومة وتعزيزها لكونها أضحت شيئًا عظيمًا على أرض فلسطين، "فالجهاد طريقنا للوحدة والعودة واستعادة القدس والمقدسات والإفراج عن الأسرى والأسيرات".
وأكد مشعل أن الشيخ ياسين شكَّل قدوة في إدارة العلاقات الوطنية ثم زادت حركته بتعزيز الوحدة الوطنية والسعي لبرنامج سياسي مُنحاز للثوابت والمقاومة ويحقق الشراكة الحقيقية في مؤسسات منظمة التحرير والسلطة والقرار السياسي والميداني.
شخصية وحدوية
وقال رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في القدس المحتلة المطران عطا الله حنا: إن "فلسطين هي أرض مقدسة وقضية شعب مناضل ومكافح من أجل الحرية، فكل حبة تراب وخاصة مدينة القدس تعني لنا التاريخ والتراث والهوية والجذور العميقة".
وأوضح حنا، خلال كلمته عبر الفيديو، أن شعبنا وقضيته يتعرضان لمؤامرات كبيرة ومخططات ومشاريع مشبوهة منذ وعد بلفور وحتى وعد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بهدف شطبها وتصفية القضية.
وثمَّن جهود مؤسسة الياسين التي تسعى للحفاظ على "إرث شخصية فلسطينية مناضلة من الطراز الأول وهو الشهيد أحمد ياسين، الذي شكَّل صوتًا فلسطينيًا من أجل أعدل قضية عرفها التاريخ الحديث إلى أن اغتالته العصابات الصهيونية ظنًّا منها أن رسالته ستتوقف".
وبيّن أن "الشيخ ياسين ترك أمانة وطنية وحدوية للشعب الفلسطيني ويجب الحفاظ عليها".
وعدد حنا أبرز كلمات الشيخ ياسين له، ومنها: أن "المسيحيين في فلسطين هم شركائنا في الدفاع عنها والانتماء لهذا الوطن"، واصفًا إياه بأنه "شخصية عظيمة وحكيمة ويجب الحفاظ على إرثها".
وأكد أن الشيخ ياسين كان شخصية وحدوية وجامعة وتعمل دائمًا من أجل الوحدة والتقارب ونبذ الفتن والانقسامات في المجتمع الفلسطيني، مشيرًا إلى أنه كان يتفاعل كثيرًا مع القضايا المتعلقة بالمسيحيين.
وأضاف: "نفتقد الشيخ ياسين ولن ننساه ولن ننسى مواقفه الإنسانية الوحدوية، فقد كان علمًا من أعلام فلسطين ومن المنادين بالوحدة الوطنية الإسلامية والمسيحية".
وجدد رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس دعوته إلى تحويل منزل الشيخ ياسين متحفًا للتذكير بمحبته وتواضعه وإنسانيته وعمله الدؤوب لتوحيد الصفوف، وتصويب البوصلة نحو الاتجاه الصحيح.
إنجازات تشق طريقها
من جانبه، عدّد رئيس مجلس الشورى العام لحركة حماس د.أسامة المزيني مناقب المؤسس قائلًا: "مرّت 17 عامًا على رحيل شيخ فلسطين لكن سيرته بقيت نبراسًا، وإنجازاته لا تزال تكبر وتشق طريق النصر وذكراه تستعصي على النسيان".
وأضاف المزيني، وهو صهر الشيخ ياسين: "رغم مرور السنوات الطوال على استشهاده فإن شيخنا الياسين امتاز بسمات قيادية عظيمة خلّدت ذكراه".
وذكر أنه كان ذا عزيمة قوية وإرادة صلبة تمثلت بالإصرار على مقاومة المحتل رغم قلة الإمكانيات وعِظَم العقبات.
وتابع: "لقد أصرَّ الشيخ على حمل السلاح وتحرير كل فلسطين، وألا يتنازل عن شبر منها مهما كانت التضحيات والعواقب، ونذر نفسه لربه ودينه ووطنه، وكانت له صولات وجولات مع الجهاد".
وأشار إلى أن الاحتلال اعتقل الشيخ ياسين عام 1989، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة، كما وُضع تحت الإقامة الجبرية مرتين، إلا أنه لم يستسلم وتحمَّل هذه الأعباء.
وشكر المزيني مؤسسةَ الياسين التي وضعت على كاهلها عبء حفظ هذا الإرث العظيم وتحقيق الأهداف النبيلة السامية، داعيًا إلى نقل هذا الإرث للأجيال القادمة، حتى تظل ذكراه حاضرة.
إلى ذلك، قال د. جهاد العرجة في كلمة نيابة عن مؤسسة الياسين الدولية: إن الشيخ ياسين يتمتع بموقع روحي وسياسي متميز في صفوف المقاومة الفلسطينية، ما جعله واحدًا من رموز العمل الوطني خلال القرن الماضي.
وأضاف العرجة أن "الشيخ كان قعيدًا وأيقظ أمة، وذكراه ما زالت حية وتُعتبر درسًا لنا وللأجيال القادمة"، مشددًا على أن "الاحتلال ظن أن أفكاره ستموت بعد اغتياله، لكن نهج الحق لا يموت".
وأوضح أن المؤسسة أُنشئت وفاءً لعطاء الشيخ ياسين، وحفاظًا على بقاء سيرته حية في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، ولا سيما أنها تقدِّم عددًا من الجوائز للأبحاث العلمية ومنها: شاعر الياسين، الأعمال المكتوبة، وقد كان عنوان المسابقات هذا العام "مناهضة التطبيع".
وأفاد بأن المؤسسة تتكون من لجان عدّة، وهي: لجنة جائزة الياسين الدولية للحريات العامة وحقوق الانسان وتشمل مسابقة الأبحاث العلمية، واللجنة القانونية ولجنة العلاقات العامة والإعلام، والتخطيط والجودة.
الجدير ذكره أن الحفل شمل أوبريتَ فنيًّا بعنوان "حضرة الإمام" بتنفيذ فنانين من دول عربية وإسلامية، إضافة إلى عرض مرئي عن فعاليات أسبوع الياسين 2021، ورسم صورة الشيخ أحمد ياسين بالرمل من الفنان أحمد السحار، وإعلان أسماء الفائزين بجوائز المؤسسة لهذا العام.