فلسطين أون لاين

تقرير مراقبون يدعون للتخلص من "أوسلو" وكسر قيودها وطنيًّا

...
لقاء "أوسلو" (أرشيف)
غزة/ نور الدين صالح:

على الرغم من مرور أكثر من ربع قرن على توقيع اتفاقية "أوسلو" بين منظمة التحرير و(إسرائيل) فإن ثمة تساؤلات في الساحة الفلسطينية بشأن إمكان التخلص منها وبناء إستراتيجية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي تخرج عن النهج الذي أضاع حقوق الشعب الفلسطيني طوال تلك السنين.

وبينما يرقب الفلسطينيون هذه الأيام نتائج تحركات فصائلية دراماتيكية تبحث سُبل إنجاح العملية الانتخابية المقررة في مايو/ أيار المقبل، وسط مطالبات للسلطة وحركة فتح بالتخلص من التزامات "أوسلو" وسحب الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي، يُحدد مراقبون للشأن السياسي جُملة من الخطوات العملية التي قد تدفع باتجاه بناء إستراتيجية وطنية جامعة.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي صلاح حميدة أن الخطوة الأولى تتمثل باعتراف قيادة السلطة أنها ارتكبت خطئاً إستراتيجياً بتوقيعها اتفاقية أوسلو التي أضرّت بتاريخ النضال الفلسطيني.

ويؤكد في حديث لصحيفة "فلسطين" ضرورة وجود شكل من أشكال التوافق لوضع خارطة طريق تقود لكسر القيود التي فرضتها الاتفاقية، مشيرًا إلى أن مفتاح هذا الأمر بيد رئيس السلطة ورئيس حركة فتح محمود عباس.

ويرى أن مباحثات الفصائل في القاهرة بشأن الانتخابات "تجري في اتجاه معاكس، فالسلطة ما زالت ملتزمة بأوسلو".

ويعتقد أن الخروج من تلك الأزمة يبدأ بالعمل على المجلس الوطني وانتخاباته وكذلك إعادة ترتيب منظمة التحرير وتفعيل مؤسساتها، وعدم التعامل معها أنها "مملكة لحركة فتح، وحظر دخول بقية الفصائل".

وأشار حميدة إلى أهمية البحث الحقيقي عن حلول تقود الشعب الفلسطيني للتحرر من الاحتلال، وليس أن يكون وقادته رهينة للضغوطات الإقليمية والدولية، من أجل إجراء الانتخابات فقط ثم رفض نتائجها فيما بعد، ما يدفع لعودة الصراعات الداخلية الفلسطينية.

وحثّ الفصائل وحركات التحرر الوطني الفلسطينية على كسر القيود وصولاً للتحرر من الاحتلال وبناء إستراتيجية لمواجهته.

وأكد حميدة أن اتفاقية أوسلو حطّمت المناعة الوطنية الفلسطينية والعربية وكذلك الدولية، لذلك يجب وضع مخاطرها وتأثيراتها السلبية المتجذرة على الطاولة بين كل القوى الوطنية، وصولاً لبرنامج سياسي "رغم صعوبة تلك الخطوة، لكن طريق التحرير يجب أن يمر من مسالك صعبة".

وقال إن خطيئة توقيع أوسلو "أسوأ من وعد بلفور"، فهي رسخت الواقع الصعب الذي يعيشه الفلسطينيون في الوقت الراهن، ودفعت الكثير من الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع الاحتلال.

رؤية جديدة

إلى ذلك يرى رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الخليل بلال الشوبكي أن الإشكال الراهن يكمن في إلغاء السقف السياسي الذي التزم به الفلسطينيون بعد توقيع اتفاقية أوسلو.

وأشار الشوبكي في حديث لـ"فلسطين"، إلى أن "أوسلو" من الناحية القانونية أصبحت "باطلة" لأن الاحتلال أخلّ بشرطها الزماني والمكاني، المتعلق بإقامة دولة فلسطينية في مدة أقصاها خمس سنوات على أراضي عام 1967.

ويعتقد أن الأمر المهم في الوقت الراهن هو "المطالبة بتغيير المسار الفلسطيني القائم على أساس حل الدولتين"، نظراً لانعدام أي أفق من الناحية الميدانية لتطبيق هذا الحل.

وأوضح الشوبكي أن التخلص من تبعات "أوسلو" يتطلب توافقًا بين الفصائل على رؤية سياسية جديدة واضحة، لافتًا إلى الاتفاقية لم تعد قائمة بالمعنى الحرفي، وإنما تبعاتها نظرًا لعدم التزام (إسرائيل) بها.

وأكد ضرورة بحث ونقاش وقف التواصل مع الاحتلال وسحب الاعتراف منه بين الفصائل خلال حواراتها في القاهرة، من أجل الوصول إلى صيغة محددة، وصولاً إلى التحرر، "ودون ذلك ستبقى الصراعات الداخلية قائمة".

وفي مقال لعضو الوفد المفاوض إلى مدريد، نائب رئيس مجلس أمناء جامعة بيرزيت بالضفة، د. ممدوح العكر تحت عنوان "رسالة إلى مَنْ يهمهم الأمر في حوار القاهرة"، رأى أنه من "الممكن جعل الانتخابات فرصة ومدخلا حضاريا وسلميا لإحداث تغيير وتجديد لبنية الجسم القيادي للحركة الوطنية بمواصفات قادرة على استنهاض همم شباب فلسطين".

وأوضح أن هذا الأمر يتم عبر إستراتيجية وبرنامج عمل من ثلاث ركائز يقوم على استعادة الوحدة الوطنية التي هي أول شروط الانتصار، وبرنامج مقاومة بجعل الاحتلال والمشروع الصهيوني الاستعماري الاستيطاني العنصري برمته مشروعًا مكلفًا وخاسرًا على جميع الأصعدة، وثالثًا توفير برنامج للصمود يقوم على العدالة الاجتماعية في تحمل أعباء الصمود المقاوم.