فلسطين أون لاين

بعد 12 عامًا من الاعتقال بتهمة إيواء "مقاومين"

تقرير المعتقل "المنسي" يُحرَّر من سجون السلطة.. و"شريم" يخرج بوجه آخر

...
أجهزة السلطة بالضفة الغربية (أرشيف)
غزة/ يحيى اليعقوبي:

اثنا عشر عاما قضاها عبد الفتاح شريم في سجون أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية غيرت ملامحه كليًّا، وكأنه أمضى فيها ثلاثة عقود، فالتغيُّر بين صورته قبل الاعتقال وبعده يشير إلى تغيُّر بين مرحلتين عمريتين تفصلهما سنوات أكبر من فترة اعتقاله، فذلك الشخص الذي دخل السجن شابا خرج مسنا، هكذا تحكي الصورتان.

بشعر ولحية أبيضين وعمر طرق الواحد والأربعين ربما تضيف عليه عشرين عاما أخرى زيادة عن سنه لحظة رؤيتك صورته بعد الإفراج عنه، في وجهه تعرجات ومسافة طويلة من القهر والألم، تجرع في سجون السلطة مرارة البعد عن أهله وعائلته.

بجانب تلك الصورة صورة أخرى يظهر فيها شابا يملأ الشعر الأسود رأسه ولحيته، يبرق الشباب بملاح وجهه، وأنت تتأمل الصورتين لا تجد وجهَ شبه أو ربما لا تصدق أن بين هاتين الصورتين مسافة اثني عشر عاما فقط، فحجم الأثر الذي تركته السجون على عبد الفتاح كان كبيرًا جدًا.

رفض شريم الإفصاح عمّا عاشه في محاولتنا التواصل معه ومعرفة ما فعلته السجون به، واكتفى أن "يحتسب ذلك عند الله" والاكتفاء بإمضاء أيامه مع عائلته وطي مرحلة الاعتقال التي لن تمحى من قلبه وجسده وذاكرته.

مساء أول من أمس أفرجت أجهزة أمن السلطة عن شريم قبل أقل من 3 أشهر من موعد انتهاء محكوميته البالغة 12 عاما، التي جاءت لمعاقبته لمجرد إيواء مقاومين من كتائب عز الدين القسام.

عقب الإفراج عنه امتلأ الفضاء الأزرق بمواقع التواصل الاجتماعي بصورتيه، امتزجت المنشورات بثورة كلمات غاضبة سيطرت عليها الصدمة، فما فعلته سجون ذوي القربى بعبد الفتاح ترك أثره في تعليقات ومنشورات رواد مواقع التواصل.

الناشط "محمد عتيق" نشر الصورتين، وفي الردود ذيل عدد من أصدقائه توقيعهم عليها، فرد الناشط (Ala'a Ahmad Abu Ajameiah) عليه: "يا الله .. صدمت من صورته، كان معنا في سجن بيوتنيا قبل عشرة أعوام تقريبا، لقد تغير كثيرا جدا".

خديجة فتاش تساءلت في ردها: "المهم خلصت الفاتورة ولا ضايل يكملها عند اليهود"، (محمود قصراوي) رد كذلك: " يااااارب ... قسما بالله قشعر بدني".

رحلة عبد الفتاح مع الاعتقال بدأت عام 2009، ليغيب في سجون السلطة عن عائلته وأولاده بعد حادثة "قبو قلقيلية" على خلفية إيواء المطاردين إياد بتلي ومحمد عطية، اللذين استشهدا إثر اقتحام نفذته الأجهزة الأمنية للمكان، وقد تم اعتقال شريم وعلاء أبو ذياب المحكوم بالسجن لمدة 20 عاما ولا يزال معتقلا في سجون السلطة.

وعلى الرغم من محاولات الإفراج عن شريم وإصدار محكمة العدل العليا قراراً بالإفراج عنه بتاريخ 2 مارس/ آذار 2010، فإن الأجهزة الأمنية لم تستجب في ذلك الوقت وواصلت اعتقاله، وتم تحويله إلى محاكمة عسكرية وجهت له تهما بإيواء "خلية تخريبية تابعة لحماس" وحكم على إثرها بالسجن لمدة 12 عاما.

جريمة بحق القضية الفلسطينية

يقول القيادي في حركة حماس نزيه أبو عون: إن "قصة شريم وعلاء ذياب معروفة للرأي العام، فكان الاحتلال يطاردهما قبل أحداث الانقسام بخمس سنوات ويريد تصفيتهما، بهدف إيقاف المقاومة بالضفة الغربية، وبعد أحداث الانقسام طاردتهما أجهزة السلطة ووصلت إلى البيت الذي تحصنا به من الاحتلال".

ويستذكر أبو عون أحداث القصة في حديثه لـ"فلسطين" بأن أجهزة السلطة دهمت المنزل بحفر نفق، وأغرقته بالمياه، فحدثت اشتباكات بينهم لأن المجموعة المقاومة المتحصنة لم ترد أن يصبح مصيرها مثل مصير مجد البرغوثي وغيره ممن عذبوا واستشهدوا بسجون السلطة.

وعدّ "ما حدث مع شريم جريمة بحق القضية الفلسطينية، بملاحقة السلطة مطلوبين للاحتلال، والهدف واضح هو إلغاء المقاومة بتقليم أظافرها بالضفة الغربية".

وأضاف: "وهذا اليوم نراه ونلمسه فأي نشاط لجيش الاحتلال تقوم أجهزة أمن السلطة بالاختباء وترك الاحتلال يفعل ما يريد، فضلا عن توفير غطاء لجرائم المستوطنين، وهذا كله بسبب غياب المقاومة الحامية لهذه البلاد".

وقلل أبو عون من حجم الخطوة التي اتخذتها السلطة بالإفراج عن شريم، بعد أن تبقى على إنهاء محكوميته ثلاثة أشهر فقط، لافتًا إلى أن حركة حماس بغزة أفرجت عن أشخاص مدانين بالقتل في إطار تهيئة الأجواء للانتخابات، في حين لا تتحمل أجهزة السلطة رفع رايات حماس بأي فعالية كانت "فكيف ستعترف بنتائج الانتخابات؟".

وشدد على ضرورة أن يتم طي صفحة الانقسام بمرحلتها السوداء وفتح صفحة جديدة للتفرغ لمواجهة الاحتلال والاستيطان.