فلسطين أون لاين

تقرير أدوات فتح لمنع قياداتها من تشكيل قوائم انتخابية منفصلة.. "العصا بلا جزرة"

...
صورة أرشيفية
غزة/ يحيى اليعقوبي:

ما زال التهديد هو السلاح الوحيد الذي يستخدمه رئيس السلطة محمود عباس وقيادة اللجنة "المركزية لحركة فتح"، لثني قيادات من الصف الأول والثاني عن المشاركة في قوائم حزبية أو بعيدة عن القائمة "الرسمية".

على الصعيد التنظيمي، هدد عباس بـ"القتل واستخدام القوة ضد كل من سيُرشِّح نفسه خارج قائمة فتح"، وذلك في جلسة المجلس الثوري لحركة فتح يوم 26 يناير/ كانون الثاني الماضي.

تلا ذلك قرار يمنع أعضاء الأطر القيادية لحركة فتح من المجلس الثوري، من الترشح للانتخابات التشريعية القادمة، وهو ما وافق عليه المجلس دون أي رد من أعضائه أو إبداء معارضة إلا في حالات قليلة.

وضمن علامات الصدع الحاصل في فتح، أعلن ناصر القدوة -عضو اللجنة المركزية للحركة- الأسبوع قبل الماضي، تشكيل قائمة جديدة منفصلة عن قائمة حركة فتح الرسمية لخوض الانتخابات، وفي أثر ذلك فصلته اللجنة المركزية بفتح من الحركة، وهو ما يضع علامات استفهام بشأن مستقبل البرغوثي نفسه، وهل سيلاقي المصير نفسه خاصة وأنه أعلن ترشحه للرئاسة، وسبقهم قائمة طويلة من المفصولين في مقدمتهم محمد دحلان قبل سنوات.

خمس أدوات

في هذا الإطار، يحدد الكاتب والمحلل السياسي عمر عساف خمس أدوات يمكن أن تملكها قيادة فتح لمواجهة الراغبين بتشكيل قوائم انتخابية خارجة عنها، أولًا باستخدام ورقة الأجهزة الأمنية الذين يتدخلون في كل شيء، وممارسة ضغط مالي ومعنوي على كوادرها، أما الأداة الثانية وهي ما يرتبط بالوظائف، إذ إن جزءًا ليس قليلًا من حركة فتح هم موظفو سلطة، فهي تهددهم بالفصل الحكومي أو النقل.

الأداة الثالثة حسبما يذكر عساف لصحيفة "فلسطين"، استخدام المال، فهي واحدة من المسائل، لأن هناك عناصر بفتح ليسوا موظفين ويحتاجون إلى المساعدة، أما الوسيلة الرابعة فهي "التهديد التنظيمي" بالفصل أو إجراءات أخرى، مشيرًا إلى تصريح سابق لرئيس السلطة محمود عباس الذي هدد أبناء فتح قائلًا: "اللي بده ينزل بقائمة غير فتح بدنا نطخه".

يقف خلف دلالة تهديد عباس أمران: الأول يتعلق بالتفرد والعقلية الفئوية العنصرية، وغياب الديمقراطية التي تسوقها السلطة للمجتمع الخارجي، بحسب عساف، الذي يحدد أداة خامسة قد تستخدمها اللجنة المركزية وهي متعلقة بالضغط الاجتماعي بأن يضغط كل عنصر من كوادرها على أقاربه ومن يمون عليهم حتى لا تُشكَّل قوائم منفصلة عن القائمة الرسمية.

وقال عساف: إن "قيادة فتح قد تستخدم الأدوات السابقة مع كل الشخصيات بمختلف مواقعها، سواء ناصر القدوة أو غيره، ما يمكن تفسيره بغياب العقلية الديمقراطية وطغيان المصالح الشخصية التي تتقدم على المصالح الوطنية وحتى المصالح التنظيمية للحركة".

في حين يرى الكاتب والمحلل السياسي نهاد أبو غوش، أن حركة فتح تملك خيارين في التعامل مع رغبة القدوة أو غيره من قادتها بتشكيل قائمة منفصلة، الأول يتمثل بتحسين اختيار قائمتها وإقناع الجمهور وليس عبر الضغط والإجراءات التعسفية من خلال تقديم مرشحين يحظون بثقة الناس، أما الأسلوب الثاني "السلبي" فيتمثل بالفصل من الحركة أو حملة إعلامية ضدهم واتهامهم بالذاتية والأنانية ومخالفة القرارات.

ويرى أبو غوش في حديثه مع صحيفة "فلسطين" أن معضلة تعدد القوائم، متعلقة بتعطش الناس الذين حرموا المشاركة في العملية الانتخابية لمدة طويلة، لكن "الواضح أن الآليات الحزبية الداخلية تضيق من رغبة الناس في التنافس والترشح".

وقال: إن "هناك جملة من الإجراءات التي يمكن أن تستخدم، في التهميش والإقصاء ومحاصرة أدوات القضاء التي تضع النزاهة محل تساؤلات، وعلى الرغم من ذلك فإن التلويح بالتهديد لا يمكن تنفيذه لأن المجتمع الفلسطيني لا يقبل به".

التلاعب في القضاء

ديمتري دلياني، وهو قيادي في حركة فتح "التيار الإصلاحي" يقول: إن "القانون الفلسطيني يضمن حق الترشح والاقتراح لأبناء شعبنا، ولا يوجد شيء يمكن أن يمنعهم من تشكيل قوائم مستقلة يبنونها على إرثهم النضالي".

وقال دلياني لصحيفة "فلسطين": إن استطلاعات الرأي الأخيرة تشير إلى ضعف قائمة فتح "المركزية" التي يسميها دلياني قائمة "السلطة"، وهذا الضعف يرجع إلى خمسة عشر عامًا من التراجع في كل مجالات الحياة، لذا "ستدفع قائمة السلطة الثمن في الانتخابات"، على حد قوله.

ويدلل دلياني على أن السلطة تلجأ لخيار التلاعب بالقوانين والقضاء من أجل التحكم قدر الإمكان في نتائج الانتخابات، بتشكيل محكمة الانتخابات بتنسيب من مجلس القضاء الأعلى الذي يعمل تحت سلطة ونفوذ السلطة التنفيذية.

وقال: إن "إجراءات السلطة تعمل على تقييد عدد المرشحين للمجلس التشريعي، وهذا مرتبط بالمجلس الوطني، وكذلك الانتخابات الرئاسية".

وأضاف: "كل ما هو صوت حر ولا يعتمد مدخوله منها حُيِّد أو أُقصي، وهؤلاء قيادات لهم الشجاعة على أن يقولوا كلمة الحق، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه"، مشيرًا إلى أن الخلافات الفتحاوية الحاصلة أساسها عباس، وستزول بابتعاده عن المشهد السياسي.