لم تتعرَّض مباحثات القاهرة الأخيرة بين الفصائل للبرنامج السياسي الذي يمكن أن تُجرى بموجبه الانتخابات الفلسطينية؛ أي لا يوجد برنامج توافق موحد، بل توجد برامج سياسية متعددة: لحماس برنامجها، ولفتح عباس برنامجها، ولفتح دحلان برنامجها، ولليسار برنامجه، وللمستقلين برنامجهم.
بعض هذه البرامج ذات طبائع متقاربة، وبعضها ذات طبائع متنافرة متباعدة. برنامج المقاومة في حالة تنافر شبه تام مع برنامج المفاوضات. برنامج المفاوضات مسقوف باتفاقية أوسلو، وبرنامج المقاومة يتجاوز هذا السقف، ويستمد وجوده من تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية المقاومة. نعم ثمة اتفاق بين البرامج والفصائل على ما يسمى برنامج الحد الأدنى الذي تجسده مقولة تحرير الأرض الفلسطينية المحتلة في عام ١٩٦٧م وإزالة الاحتلال والمستوطنات منها، ولكن آليات الوصول لهذا الحد الأدنى مختلفة ومتباينة، وهنا تكمن خطورة الانتخابات، وخطورة ما بعد الانتخابات.
الشعب والناخبون كالفصائل مختلفون، فبعضهم يقف خلف المقاومة ويرفض المفاوضات، ويصفها بالعبثية، وبعضهم يرى مصالحه في استبقاء المفاوضات رغم أن المفاوضات لم تحقق ما وعدت به الشعب، وهذا يعني أن المجلس التشريعي سيجمع تحت قبته ما بين الطرفين بنسب متقاربة، لا سيما في ظل إجراء الانتخابات بالقوائم النسبية الكاملة، ومن ثمة يجب هنا السؤال الكبير: كيف يمكن أن يُجرى الأمر في إدارة الحكم، في ظل الخيارين المتعارضين؟
والسؤال الأكبر يقول: هل هذا المجتمع المتباين داخل التشريعي والإدارة، هو الحل الأنسب لواقعنا بعد صفقة القرن وانهيار التضامن العربي؟ أم أن الأسلم والأنسب يكمن في برنامج سياسي توافقي تُجرى بموجبه الانتخابات، وتلتقي عنده إدارة السلطة بعد الانتخابات؟
لا جديد يمكن أن يقف عليه الشعب في انتخابات تُجرى في ٢٠٢١م، في ظل برامج سياسية مختلفة ومتباينة، لأن برنامج المفاوضات ملتزم للغير استبعاد برنامج المقاومة، وبرنامج المقاومة يرفض اتفاق أوسلو وآلية المفاوضات، هذه هي الحالة المرضية، التي سكنت الفترة الماضية من ١٩٩٣م وحتى تاريخه، وهذه هي الحالة التي عطَّلت نتائج انتخابات ٢٠٠٦م، وهي التي عرقلت أعمال الحكومة، وأنتجت حالة الانقسام التي ما زالت قائمة، فهل يستحق الشعب الصابر المصابر تكرير هذه الحالة؟