فلسطين أون لاين

دعاية انتخابية مبكرة

الدعاية الانتخابية ليست مرتبطة بـ"صافرة" لجنة الانتخابات المركزية، ولكنها تبدأ بمجرد أن تلوح بوادر إمكانية إجراء الانتخابات، وهي بدأت بالفعل في أعقاب إعلان البيان الختامي للفصائل الفلسطينية المتحاورة في القاهرة، والدعاية الانتخابية غير الرسمية نجدها في تصريحات المسؤولين وإصدارات الكتاب والمحللين، حتى في أحاديث المواطنين ومنشوراتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.

من جملة ما رصدته في هذا الشأن ما جاء في مقال كتبه الدكتور إبراهيم أبراش قال فيه: "الساحة الفلسطينية لم تفرز حتى الآن حزبًا أو حالة سياسية بديلة (يقصد عن حركة فتح) قادرة على تحمُّل المسؤولية والتمسك بالحد الأدنى من الثوابت والحقوق السياسية للشعب الفلسطيني، كما جرب الشعب حكم وسلطة حماس، وما آل إليه الحال في قطاع غزة، وعلى المستوى الدولي".

في هذه الفقرة يوجه د. أبراش المواطنين لدعم حركة فتح ومنع الدعم عن حركة حماس، وأنا لست ضد مساندة حزب أو محاربة آخر، ولكن يهمني بالدرجة الأولى الصدق واحترام عقول الناس، وما قاله الدكتور أبراش لا فيه صدق ولا أي احترام لعقول الناس، وهو يعلم ذلك أكثر مني؛ فمنظمة التحرير بكل فصائلها لم تتمسك بالحد الأدنى من الثوابت الفلسطينية، وأنا أتحدى السيد إبراهيم أبراش أن يشرح لنا عن أي الثوابت يتحدث؟! فلسطين تُنُوزِلَ عن ثلاثة أرباعها، ومع ذلك لم تجلب منظمة التحرير لنا دولة، القدس أصبحت قدسين: واحدة شرقية تطالب بها المنظمة ولا تزيد مساحتها على 15% من القدس التي لا نعترف بغيرها، وواحدة تزيد مساحتها على 85% اعتُرِفَ بشرعيتها للاحتلال، وما زال الاحتلال يزاحم المنظمة على ما تبقى كما يزاحمنا على ربع الوطن الذي أقرته اتفاقية أوسلو الملعونة. اللاجئون قال عنهم "قادة المنظمة": "إنه من غير الممكن إرجاعهم"، لأن في ذلك دمارًا للكيان الإسرائيلي، ولا بد من حل مشكلتهم بـ"التوافق" مع المحتل الإسرائيلي، ونحن نعلم ماذا يعني التوافق مع (إسرائيل)، وبعد ذلك نسأل د. أبراش: أين الحد الأدنى من الثوابت؟!

أما بخصوص قوله: "الشعب جرب حكم وسلطة حماس، وما آل إليه الحال في قطاع غزة وعلى المستوى الدولي" فالسؤال الذي يطرح نفسه: متى جرب الشعب حكم حماس؟! هل ينفع الحكم أو السلطة تحت حصار وحروب متعددة؟! يمكننا القول إن حماس أجبرت على إدارة قطاع غزة تحت الحصار الإسرائيلي والعربي، ونجحت هي وفصائل المقاومة في الحفاظ على قطاع غزة خاليًا من المحتلين وعصيًّا على الغزو، وهذا أكبر إنجاز لشعب مقاوم، ومن النواحي الأخرى استطاعت حماس تسيير شؤون المواطنين بالقدر الممكن، لا ننكر وجود أخطاء، ولكن لا يمكننا أيضًا أن نتعامى عمن فاقم سوء الأوضاع في غزة، ورفض مجرد التنفيس عنها من أجل تركيعها وعودتها لحضن "الشرعية" كما يصفون.