أجرت نخبة من جنرالات الاحتلال الإسرائيلي ما وصفوه بـ"لعبة حرب"، تحاول محاكاة ما قد يحصل لدى وقوع هجوم محتمل ضد (إسرائيل)، رغم أن جميع الأطراف ليست مهتمة بهذه الحرب، لكنها قد تُستدرَج إليها من دون خيار، وتتمثل في رد فعل محتمل لصراع قد يؤدي إلى حرب في الشرق الأوسط بين المحور الإيراني الذي يضم سوريا وحزب الله من جهة، و(إسرائيل) والولايات المتحدة وحلفاؤهما العرب من جهة أخرى.
يتمثل سيناريو انطلاق الحرب بإطلاق صواريخ من غرب العراق باتجاه (إسرائيل)، ينجح أحدها باختراق المنظومة الدفاعية، ويصيب مباشرة مبنى شاهق الارتفاع في (تل أبيب)، ويقتل الهجوم ويجرح عشرات الإسرائيليين، ويعدّ هذا الهجوم الصاروخي ضمن المحاكاة المتوقعة مجرد عملية واحدة من سلسلة عمليات ضد أهداف إسرائيلية وأمريكية وأهداف أخرى في الشرق الأوسط.
بالتوازي مع وابل الصواريخ من العراق باتجاه إسرائيل، تنطلق صواريخ على السفارة الأمريكية في بغداد، وتقع سلسلة من هجمات إطلاق النار تشنها إيران على دبي والبحرين ضد السياح الإسرائيليين، مع أن عملية المحاكاة هذه تتوقع مشاركة قوات الحوثي، الذين يطلقون صواريخ دقيقة على أهداف سعودية، تصيب منشآت التكرير بمدينة جدة المطلة على البحر الأحمر، ما يفسح المجال لقراءة ردود فعل الدول المختلفة على سيناريو التصعيد المتوقع.
رد الفعل الإسرائيلي المتوقع يشمل هجوما واسعا على أهداف إيرانية في سوريا والعراق، في حين يرد حزب الله بصواريخ على شمال (إسرائيل) في المرحلة الأولى، ثم جنوب حيفا، وترد (إسرائيل) بمهاجمة أهداف للحزب في لبنان، بما في ذلك مشروع صواريخه الدقيقة ببيروت، دون تدهور الوضع إلى صراع واسع النطاق وحرب شاملة.
إيران جزء من سيناريو الحرب، وستتصرف تصرفًا محكومًا لمنع نتيجتين سلبيتين لها: الأولى الهجوم على أهداف في أراضيها، والثانية تآكل القوة الصاروخية لحزب الله في لبنان، وهي تهدف إلى ردع (إسرائيل) عن مهاجمة البنية التحتية النووية في إيران، وقد تسارع لإغلاق الموقف لمنع مهاجمة أراضيها، لكنها تفشل بمنع الحزب من العمل ضد (إسرائيل)، فالتوتر يعكس مصالحه، رغم اعتماده على إيران.
يصعب رؤية موقف لا يكون فيه الرد الإسرائيلي حاسما بما فيه الكفاية، فعندما تُطلَق صواريخ على (تل أبيب) مع 16 قتيلا، فإن هذا سيناريو خطِر للغاية لم نشهده في عام 2006، لأن أي هجوم عليها عن طريق منظومة صواريخها الدقيقة سوف يتسبب بإصابات واسعة النطاق فيها، ومن ثم يمكن تصعيده.
في التفكير العقلاني، لا تهتم كل الأطراف بالحرب، لأنها ترى تكلفتها باهظة، وفرصتها قليلة لتعزيز مصالحها الحيوية، لكن سوء التقدير، والانحراف عن التوقعات، والتعامل غير الدقيق مع الأزمة، قد يؤدي إلى الحرب، عبر تبادل الضربات بين الطرفين، وصولا إلى النهايات الخطِرة.