فلسطين أون لاين

التربية الجنسية.. هل تحمي الأطفال من التحرش؟

يعتقد كثير من الآباء أن حجب أي معلومة جنسية عن الطفل هي الأسلم لحمايته وحفظه من أي انحراف.. وكأن في معرفته تلك يكمن الخطر الحقيقي.

عندما تصبح واثقًا بأن طفلك بأمان، مسافات طويلة تبعده عن التحرش والأذى، فهو بأيدٍ أمينة طوال الوقت، ولا داعي للقلق عليه.. فاعلم بأن المخاطر تحدق به، ويجب عليك أن تقلق!

فالإخوة وحتى الأب والعم وأقرب الأقارب قد يصبحون متحرشين، والمعلم والمدير كذلك، ورفاق اللعب في الشارع والمدرسة أيضًا... إلخ، إذن الأخطار تقابله في كل مكان، فهل من وسيلة لحمايته؟ هل أعزِله عن كل المجتمع؟ هل أُبعده عن كل الناس؟ هل أبقى رفيقًا له مثل ظله؟ كيف لي أن أوفر له الحماية؟

في حوش الدار، وعلى باب البيت، وفي الروضة، وفي بيت الجد والجدة والأعمام والخالات... ما إن يتأهب الطفل للاحتكاك بالمجتمع بعيدًا عن حضن أمه بعد السنة الثانية من عمره، حتى يوجد ويتنامى احتمال تعرضه للتحرش في كل مكان ووقت، ويصبح حينها لازمًا على الوالدين توعية الطفل جنسيًّا لحمايته، فالتوعية هي الأسلوب الأمثل لإبعاد هذا الأذى عنه، فما نوع هذه التوعية وكيف تكون؟

تكثر أسئلة الطفل مع ازدياد إدراكه لما يرى من حوله، فأول خطوة في طريق التربية الجنسية والتوعية من التحرش، هي إجابة الطفل بصراحة وبساطة وبمعلومات صحيحة على جميع أسئلته مهما عددناها حساسة وتمس المحرمات والقضايا المحرجة، خاصة تلك التي تتعلق بجسده وأعضائه، ويرافق ذلك تعريفه بأسماء أعضاء جسده تعريفًا صحيحًا وتوضيح وظيفتها، وحتى لو سأل عن أعضاء الجنس الآخر، أيضًا يجب إجابته بصراحة وتوضيح طبيعة الاختلاف النابع من أداء وظيفة مختلفة.

انتبهوا.. تزويد الطفل بمعلومات صادقة صريحة يقود إلى بناء أسس متينة من الثقة والتفاهم بينه وبين والديه، ويجعله يدرك باكرًا أنه لا حواجز أو أسرار تفصل بينه وبين والديه، الأمر الذي يمنع وقوعه مستقبلًا تحت تهديد المتحرشين وتخويفهم وابتزازهم، وذلك يمنح الطفل القدرة على إخبار من يثق بهم عن أي شيء يحدث معه مهما كان مؤذيًا ومؤلمًا ومخيفًا.

من الضروري تعليم الطفل أن جسده يخصه وحده، وليس من حق أحد أن يلمسه أو يقبِّله أو ينظر إليه أو يصوره أو يعريه (وبخاصة المناطق الحساسة منه التي نحرص دائمًا على تغطيتها بالملابس)، ومن المهم تعليمه أن أي شيء من هذا القبيل يسمى تحرشًا، وأنه سيئ ومرفوض حتى وإن جاء مِن شخص قريب أو صديق، أو كان يعيش مع الطفل في البيت ذاته، وعلى الوالدين تعليمه أن الأشخاص الموثوق بهم مثل الوالدين هم فقط من يُسمح لهم بمرافقته وهو صغير إلى الحمام، وهم المسموح لهم بمساعدته في تنظيف جسده وتغيير ملابسه حتى يكبر ويستطيع الاعتماد على نفسه في القيام بذلك.

من المهم تعليم الطفل التمييز بين لمسة بريئة لكتفه أو رأسه من زميله في الروضة في أثناء اللعب وبين لمسة مريبة من صاحب الدكان لمنطقة حساسة من جسده! ويكون من الجيد استغلال حكايات الآخرين والحوادث لتعليم الطفل بشأن هذه القضية، ومن الضروري مناقشة الطفل في فيلم كرتون مثلًا ظهر فيه مشهد تحرش، ليتعلم الطفل التمييز بين ما هو بريء وبين ما هو خطِر.

ولا بد من مناقشته في الشكل الذي ستكون عليه ردة فعله وسلوكه في حال تعرض هو لتحرش، ماذا سيفعل تحديدًا؟ وحري بالوالدين تعليم الطفل الطريقة الصحيحة للدفاع عن نفسه.

سألتُ بنفسي 60 طفلًا عن هذا الموضوع، وكانت إجابات غالبية الأطفال بأنهم سيضربون المتحرش ويسقطونه أرضًا!

وطبعًا سيكون الطفل هو الخاسر إن تصرف بهذا الشكل، بسبب فارق الحجم والقوة، لذا يجب أن يتعلم أن يطلب المساعدة بأن يصرخ ليلفت انتباه أي أناس موجودين في المنطقة بأنه يتعرض للخطر، وعليه أن يلوذ بالفرار بسلام أمام أول فرصة تتاح له، ثم إخبار من يثق بهم بما تعرض له.

ملحوظة مهمة: علينا أن لا نكتفي بذكر مثل هذه المعلومات المهمة مرة واحدة، بل يجب الاستمرار في توعية الطفل في هذا الأمر ومناقشته واستطلاع رأيه بشأن هذا الموضوع حتى يكبر ويشتد عوده.