في الرابع عشر من يناير 2004م رحلت الاستشهادية ريم الرياشي بعد أن نفذت عملية استشهادية وسط تجمع لجنود الاحتلال الإسرائيلي، بعدما لم تحتمل مشاهد القتل والتدمير بحق الشعب الفلسطيني الأعزل خلال انتفاضة الأقصى.
ونفذت الرياشي عمليتها في حاجز بيت حانون (إيريز) شمالي قطاع غزة، وسجلت بذلك سابقة نوعية لتكون الاستشهادية الأولى التي تخرج من القطاع.
جاءت العملية بعد إلحاح منها على كتائب الشهيد عز الدين القسام لسنوات للسماح لها بتنفيذ عمل استشهادي، فجاءتها الفرصة مواتية بعد أن أحكمت قوات الاحتلال حصارها على غزة.. حينها تعذر على شباب كتائب القسام الخروج من القطاع، لتنفيذ عملياتهم، فتواصلت الكتائب مع الرياشي بعد موافقة زوجها، ووضعت الخطة، لتتقلد حزامها الناسف صباح ذلك اليوم وحولت جسدها إلى أشلاء تثخن فيه بجنود الاحتلال، فقتلت منهم أربعة وجرحت عشرة آخرين.
أسقطت تلك العملية أوهام (إسرائيل) التي زعمت آنذاك أنها تمكنت من التخلص من العمليات الاستشهادية في العمق الفلسطيني المحتل عام 1948م، لتؤكد الرياشي في وصيتها أنها "نفذت العملية ثأرًا لنابلس الشموخ، وجنين القسام، ورفح المقاومة، ولأطفالنا ونسائنا وشيوخنا، الذين يقتلهم العدو كل يوم على حواجزه وبرصاصه وطائراته".
قالت كفاح الرملي مسؤولة دائرة العلاقات الوطنية بدائرة العمل النسائي في حركة حماس: "ما قامت به الشهيدة الرياشي كان عملية نوعية أثارت استغراب ودهشة العدو قبل الصديق، أن تترك امرأة في مقتبل عمرها أسرتها وصغارها (زوجها وطفلَيْها) وتضحي بنفسها في سبيل الله والوطن".
ورأت الرملي أن الحالة التي وصلت لها الرياشي تنم عن عظمة الإحساس بالظلم والاضطهاد والقسوة من المحتل الإسرائيلي، الذي لم يترك أي طريقة إلا وحاول أن ينال بها من الأطفال والرجال والنساء.
وأضافت: "إن عملية الرياشي كانت ردة فعل طبيعية ضد عدو متغطرس ظلم النساء والأطفال، الذين كانوا يلقون معاملة مهينة على الحواجز وفي سجون الاحتلال، ما جعل الروح رخيصة في سبيل التحرر منه".
وبينت الرملي أن ما قامت به الرياشي هو امتداد لدور المرأة الفلسطينية منذ بدء الاحتلال البريطاني إذ كانت تساعد المجاهدين وتمدهم بالمال والسلاح، ولم ينتهِ هذا الدور بتنفيذها الكثير من العمليات الاستشهادية.
وأشارت إلى أن المرأة المنضوية تحت راية "حماس" قامت بأدوار مهمة في نضال الشعب الفلسطيني من تربية الأجيال ودفعهم إلى ساحات القتال، وفي المجال الدعوي وزرع القيم بأن الوطن أغلى من النفس والأسرة والأبناء.
كما وقفت بصمود أمام غطرسة المحتل، فكانت وما زالت امرأة متميزة بعطائها.
ولفتت الرملي إلى أن "هناك نساء لعبن أدوارًا تربوية وسياسية عظيمة كأم نضال فرحات، في حين برعت النساء في كل مجالات العمل، وتجلى ذلك في (مسيرات العودة) حيث شكلن الثقل الأكبر من الحضور".
ولم يتوقف دور النساء عند هذا الحد، فقدمت المرابطات في المسجد الأقصى نموذجًا فريدًا في النضال، في حين آوت كثير من النساء المجاهدين، والتحق عدد كبير منهن بالأجهزة العسكرية للفصائل.
كما خاض ويخوض عدد كبير منهن تجربة الأسر المريرة لدى قوات الاحتلال.
وأكدت الرملي أن النساء بمختلف أطيافهن قدمن نموذجًا فريدًا من التكيف مع ظروف الحصار الإسرائيلي الصعبة؛ فلم تكن الشهيدة الرياشي سوى نموذج من النساء الفلسطينيات العظيمات اللاتي ضربن مثلًا رائعًا في الصمود.