تكلمنا في مقال (أوبئة ٢٠٢٠) عن الرؤية الفلسطينية، وكانت ثلاثة هي: كورونا، والتطبيع، والديكتاتورية. واليوم نواصل مراجعة عام ٢٠٢٠م فنقول: إذا كانت المصالحة الفلسطينية قد تراجعت القهقرى إلى ما هو أدنى من درجة الصفر، فإن على غزة، وأعني بها حماس والفصائل والمستقلين، واجب تدبر أمر الحياة في غزة لتخفيف الأعباء اليومية التي أثقلت ظهر المواطن الغزي حتى أوشكت على الفتك به وقصم ظهره.
جيل الشباب ومنهم الخريجون لا يجدون عملا، ويعيشون البطالة، وليس عندهم أمل بانتهائها والخروج منها لعمل يوفر لهم فرصة لمواصلة الحياة. جيل شباب الحصار والبطالة في حاجة للزواج وتكوين الأسرة، وتوفير بيت الزوجية ومصروفات الشهر بحدها الأدنى. لقد شغلت الفصائل نفسها بمشاغل السياسة، والحالة الحزبية، وقد آن الأوان لكي تشتغل بقضايا الحياة الاجتماعية اليومية والبنيوية.
لم تعد قيادة السلطة في رام الله تهتم بغزة، وهي لا ولن تعمل على حل مشكلاتها الحياتية واليومية، ولن تعطي غزة حقها القانوني من مدخلات المقاصة، وستواصل معزوفة أنها تدفع لغزة نصف موازنتها العامة أو أكثر، وهو قول لا يصمد عند النقاش الرقمي والإحصائي.
إن مواصلة الفصائل عملية تأجيل التعاون المشترك لحل مشكلات الشباب وقضايا الحياة الاجتماعية في غزة للمصالحة هو عين الفشل وعين الخطأ، ويجدر بحماس دعوة الفصائل وأعمدة المجتمع للقاء في مؤتمر عام لدراسة خطوات الحل الممكنة دون السلطة، لأن الأخيرة نفضت يديها من الشراكة مع غزة.
نعم، إذا كان واقع جيل الشباب والخريجين يمثل وباء خامسا في حياة مجتمع غزة، فإن فشل الفصائل وأعمدة المجتمع الغزي في البحث عن بدائل للحل يعد وباء سادسا تسجله ذاكرة ٢٠٢٠ حين تعنى بجرد أوبئة هذا العام الثقيل بذاته وبحمولته السلبية على غزة.
وإذا كانت سلطة عباس لا تهتم بقضايا الحياة الاجتماعية في غزة، وتتنصل من المشاركة في الحلول مع استطاعتها، فإننا لا يجب أن نغفل السبب الرئيس لهذه البيئة السالبة التي تحاصر شباب غزة، وأعني بها (الاحتلال والحصار) المفروض على غزة. وكلنا يعلم أن حل مشكلات الحصار الخانق يعني حل غالبية مشكلات الحياة الاجتماعية للشباب وللسكان، لا سيما تلك التي تحتاج إلى عمل يومي، وإلى مال شهري يغطي مصاريف الحياة. نأمل أن يبدأ عام ٢٠٢١ م بمؤتمر عام وعلني لمناقشة (قضايا الشباب والمجتمع).