تسود حالة ترقب وتخوف المقدسيين من ردة فعل غير مسبوقة من قِبل سلطات الاحتلال بعد قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) الذي صدر مؤخراً؛ والذي ينص على أن القدس مدينة محتلة؛ وأنه لا علاقة لليهود بالمقدسات الإسلامية؛ مما أثار غضباً عارماً في (اسرائيل).
وللتعرف على الأجواء في هذا الصدد؛ التقى "مراسل فلسطين" بمواطنين يقطنون المدينة العتيقة؛ من بينهم ماهر أبو السعود الذي يعيش بالمقربة من باب السلسلة ويجاوره المستوطنين في منزله؛ يقول: "هذا الكيان العنصري لا تجدي معه أي قرارات بالرغم من اهميتها، باختصار هؤلاء لا يعرفون الا لغة القوة؛ كم تمنيتُ لو أن قرار اليونسكو شمل المستوطنين الذين لا يتوانون عن تنغيص حياتنا".
وأضاف: "لا نبعد عن المسجد الأقصى سوى بضع عشرات من الأمتار، وباب منزلنا ممرٌ لقطعان المستوطنين؛ فعلى مدار الساعة يتعمدون استفزازنا بكافة الأشكال؛ ولولا أن لدينا قدرة على التحمل لهجرنا المكان منذ زمن".
ولم يبدِ التاجر حسين ابو غزالة تفاؤلاً إزاء القرار؛ بل يرى أنه لن يكون له تأثيرٌ على الارض؛ موضحاً وجهة نظره: "حقنا في القدس ثابت بكل الشواهد؛ واليونسكو اعتمدت على وقائع الميدان والتاريخ، ومن خلال معرفتنا بالاحتلال وعنجهيته ، فإنه سيحاول تجاهل القرار من خلال اتخاذ مزيد من الاجراءات التعسفية، فعقلية (اسرائيل) تتسم بالصلَف والانتقام والتشويه والتزوير، وقد رأينا سابقاً القرارات الدولية التي تلزم الاحتلال بالانسحاب من الأراضي المُحتَلة وما يلبث أن يأتي الرد بمزيدٍ من توسيع مشروع الاستيطان".
من جانبه يتوقع د. عكرمة صبري رئيس الهيئة الاسلامية العليا وخطيب المسجد الاقصى بأن يدير الاحتلال ظهره لكل القرارات الدولية والمنظمات المختصة بتوثيق التاريخ والمقدسات.
ويقول: "نعلم يقيناً أن الاحتلال سيلغي قرار منظمة اليونسكو بإجراءات غير مسبوقة حتى يثبت أنه قادر على فعل كل شيء عملياً، وأرى أن أهمية قرار منظمة اليونسكو يكمن في جانبٍ إعلامي للغرب الذي يدعم دولة الاحتلال بشكل لا محدود، ولا ينتظر أيُ مقدسيٍ تحرير المقدسات من خلال قرارات من هذا القبيل".
وفي السياق نفسه يقول الخبير في شئون القدس د. جمال عمرو: "الاحتلال أخذ على عاتقه ركل كل القرارات الدولية التي تتعلق بوجوده على أرض فلسطين منذ عهد النكبة حتى يومنا هذا، ونتطلع إلى نيل فائدة مرجوة من هذا القرار تتمثل في فضح الاحتلال وكذبه أمام العالم ، فهو يزور التاريخ بادعاء وجود علاقة تلمودية توراتية مكان قبة الصخرة باسم الهيكل المزعوم؛ إلا أن منظمة اليونسكو دحضت مزاعمه؛ وعلاوة على هذا فإن علماء يهود اثبتوا ما أقرته اليونسكو".
يُشار إلى أن اليونسكو أعلنت العام الماضي عن إدراج 55 موقع تراث عالمي على قائمة المواقع المعرضة للخطر، ومنها البلدة القديمة بالقدس المحتلة وأسوارها، مما خلف غضبا واستنكارا من قبل إسرائيل.
كما صوّت المجلس التنفيذي لليونسكو عام 2016 على قرار تضمن تعريفا بأن الحرم القدسي الشريف مكان مقدس للمسلمين؛ ولم يذكر القرار أي علاقة لليهود به وبحائط البراق الذي يسمونه "حائط المبكى".